إيمان حمود الشمري
زيارة استثنائية حظيت بمتابعة واهتمام عالمي بالغ، وتركيز بكل التفاصيل التي تحمل رسائل غير مباشرة، تصف أبعاد المشاهد، حيث تابعت وسائل الإعلام بشغف جدول الزيارة منذ وصول ولي العهد -حفظه الله- للعاصمة واشنطن، لتصف أولى خطوات الزيارة ومشاهد الاستقبال والترحيب التي عبرت عن ضيف غير عادي، وأعادت للأذهان تأثير المملكة كدولة عربية خليجية مؤثرة على المسرح الدولي، وترسخ فكرة تحول السعودية من دولة كبيرة إلى دولة قوية، ترسل رسائل للجميع نصها: أن سواءً وقفت معها أم ضدها فأنت لاتقاوم شعورك بالفضول لمتابعة تطور مسيرتها!
تنهض المملكة بشكل سلمي وسريع، بجهود قائد شغل العالم بإنجازاته، وكتب التاريخ بطريقة مختلفة، محمد بن سلمان - حفظه الله، ذلك الاسم الذي يتصدر مواقع البحث ووسائل التواصل بين فترة وأخرى، استطاع أن يعيد تشكل الصورة النمطية للقيادة، لتصف أن القوة ليست الهيمنة ولا الاستحواذ، وأن مصالح المملكة لا تنفك عن مصالح الوطن العربي، فلم تقتصر الزيارة على عقد صفقات مشتركة فحسب، وإنما حمل معه هموم العالم العربي، وطرحها على طاولة النقاش كإحدى أولى اهتماماته، وفاءً بعهد قطعه على نفسه، في مشهد ذكّرنا بأحد أهم تصريحات سموه خلال مؤتمر مبادرة الاستثمار عام 2018 عندما عبّرعن اهتمامه بنهوض الشرق الأوسط وقال عبارته الشهيرة: «... هذه حربي التي أخوضها شخصياً ولا أريد أن أفارق الحياة إلا وأرى الشرق الأوسط في مقدمة مصاف العالم».. حيث يؤمن ولي العهد أن التغيير يحتاج لجهود مشتركة، من شأنها أن ترسم خطط أمل للتنمية السلمية، فالأمر لا يقتصر على إيصال صوت وجع العالم العربي، وإنما أيضاً يحتاج لتكاتف وتعاون العالم العربي لضبط النفس ووقف النزف، والمثابرة بالبحث عن حلول دبلوماسية تولي اهتماماً بالغاً للسلم الذي يؤدي للبناء لا الصراعات التي تقود للهدم، وتدفع عملية السلام لمنطقة واسعة.
من 18 إلى 19 جدول مزدحم من الاجتماعات والأعمال، تخلله انطلاق منتدى الاستثمار الأمريكي- السعودي، برنامج دبلوماسي مكثف نتج عنه اتفاقيات بين الرياض وواشنطن شملت دفاعاً استراتيجياً مكثفاً، بصفقة شراء طائرات F35 ونحو 300 دبابة، وتعاون نووي مدني، إضافة لشراكات تأمين سلاسل الإمداد لليورانيوم، وتكثيف التعاون التجاري، ومذكرة تفاهم ضخمة في الذكاء الاصطناعي، في زيارة وصفتها وسائل الأعمال بأنها تعد ترسيخا للعلاقة الثنائية، وتشكيل البيئة الخارجية لتنمية العلاقة بين البلدين، وتضاف لرصيد تاريخ العلاقات السعودية الأمريكية ومراحل تطورها.