د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
العنوان وسم لكتاب موقر انبثق عن مشروع مجزٍ جاء يختال من الحسن يسرد قصة العمارة في مدينة الرياض الحبيبة لنصف قرن من الزمن من 1950-2000 م أصدرت الكتاب أمانة منطقة الرياض؛ فجاءت فرائد الكتاب لتروي قصة تشكيل هوية الرياض المعمارية والعمرانية من قِبَل الخبرات المحلية والإقليمية والعالمية في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات والثمانينيات والتسعينيات الميلادية! ففي مفاوز الرياض الحبيبة صفوف وفصوص تتدفق عشقا وصبابة نحو الرياض فيتجاوز ضوؤها الممتد عنان السماء وهام الثريا! وتغدو في الذاكرة حكايات بطولات ثمينة قادها الملوك الصيد فوثبتْ الرياض واحتضنتْ إشراقات الشمس؛ أما عندما يهمي المطر فهناك رواء وارتواء آخر تحتضن فيه الرياض طقوسا أخرى في عقود مهمة من تاريخها الحديث! حيث عبرتْ الرياض تحولات مختلفة واتجه التركيز في مسارات نهوضها من جنوب الرياض ووسطها إلى فضاءات جديدة في مسارات أخرى، فكانت كنوز الرياض المعمارية تحت مجهر التطوير والاستثمار لتصميم دروس عمرانية جديدة لتمتين عمارة المستقبل فتصدَّر مشروع كتاب ذاكرة الرياض توثيق تلك المعالم ورصدها مما انبثق عنه تجارب جديدة لصناعة عمارة المستقبل وصناعة الجمال واستحداث فرص حديثة لتوفير موارد إضافية لمدينة الرياض من خلال إعادة تشكيل هوية العمارة القديمة في ثياب قشيبة جديدة؛ ولقد أيقنتْ الرياض أنه لابد أن تغذ المسير وتتصدر مواكب المدن العربية والعالمية! فلفظَتْ الجهل وأزالتْ أصباغه المزعجة من محياها! فأصبحتْ تزهو بالعلم والثقافة والبناء والحضارة!
وعلى ثرى الرياض الجميلة مسارح الجلال والجمال والزهو ومشاهد الحضارة ومجالي الثقافة ما انفكت تعقد أواصر كل ذلك في سياقات تترى، يجللّها الحراك الجميل في كل تفاصيل زمنها الجميل أيضا، والرياض نحفظ أسرارها في تلافيف الذاكرة حينما طاف بخيالنا السور القديم ورائحة الطين التي تنبعثُ من داخله فتنعشُ فضاءاتنا؛ وتنزوي حيالها كل مصانع العطور التي تحتل العالم اليوم، وتسرد الذاكرة تسميات يباهي بها تاريخ الرياض الشعبي الوطني [معكال، الحبونية، والوشام والبطحاء وغيرها مما عرَّجَ عليها كتاب ذاكرة الرياض وجال في معالمها العمرانية، ومهما اقتربتْ الرؤى من الرياض الحبيبة واستدارتْ الزوايا فما زلنا نحتاج للذائقة العالية التي تواكب عشقنا للرياض لالتقاط متغيرات الرياض وتجدّدها وكيف استطاعت الرياض واستطعنا صناعة الانتقال إلى الحداثة والمدنية وتلك الخصيصة أوفاها كتاب ذاكرة الرياض واستوفاها؛ فها هي الرياض تصحو على جمال متنوع شامل في كل شئونها يشد بعضه بعضا، فالثقافة بتشكيلاتها وتفاصيلها جمال، وكل محضن لحيازة المنتج الثقافي والحوار مع مرتاديه جمال آخر، وكل نافذة ضوء تسعد بمرور العقول عليها جمال، وكل الأمكنة التي تؤصل لتاريخ مجيد وبطولات خالدة ترويها جدرانها وبواباتها جمال آخر، فهناك في الرياض اليوم مناطيد جمال عمراني تحلق بالفكر العمراني وبثقافة التشييد وتحتفي بكل المعارف الشاملة في الفنون والعمارة العريقة العتيقة ثم جاءت إستراتيجية العمارة والامتداد في عليائها لتكشف عن موارد بلادنا؛ ومنها كنوز الرياض الملأى بالفرائد والمتفردين لتبني لهم متكآت تقيهم تصحر الفكر وضحالة الاستفادة من الإبداع وضمور الأوقات وعتمة الأماكن القديمة، ومن هنا وفي كتاب ذاكرة الرياض ذلك السفر الحديث الذي كان رصفه كصياغة الذهب عندما نسج ملامح العمران في الرياض في سابق عهودها فقد غلب ود الرياض الاسمنت وأسواره فتوشحت ْالرياض في عهدها الزاهر أسوار من الشوق والألفة واستوعبت الرياض كل الضوء:
[فانبرتْ غادة يروق بها الحسنُ
وجاءتْ جَمَّ الدَّلال طروبة
هذه هذه الرياض تجلَّتْ
ليلاقي منها حبيب حبيبة]