أ.د.عبدالرزاق الصاعدي
1/ احتلك فهو محتلك:
جاء في الجذر (ح ل ك) في معاجمنا الفعلُ الثلاثي حَلَكَ وحَلِكَ، ومن المزيد: استحلك، واحلولك، واحلنكك، ولم تذكر المعاجم احْتَلَكَ، وقد جاء اسم الفاعل منه في شعر لعنترة رواه ابن سيده في المخصص (16/ 190 بتصحيح ابن التلاميد الشنقيطي)، وهو قوله:
عليها من قَوادِمِ مَضْرَحِيٍّ
فَتِيِّ السِّنِّ مُحْتَلِكٍ ضَلِيع
والفعل منه احتلك، ولم أقف على البيت في ديوان عنترة.
2/ تحالك: اشتدّ سواده:
الفعل (تحالكَ) الشيءُ بمعنى اشتدّ سواده، لم يرد في المعاجم، وورد منه اسم الفاعل في قول طرفة (ديوانه ص 60 تحقيق مهدي ناصر الدين):
ومِن عامِرٍ بيضٌ كَأَنَّ وُجوهَها
مَصابيحُ لاحَت في دُجًى مُتَحالِكِ
الدُّجى المتحالك: الليل الشديد السواد، وفعله: تحالكَ، فليستدرك.
بُرْغِث وأُبِقّ وبُعِض: أصابته البراغيث أو البقّ والبعوض:
الفعل (بُرْغِث) بمعنى أصابته البراغيث، وكذلك (بُقّ) مشتقا من البقّ، وقد وردا في كلام عبد الملك بن صالح العباسي (ت196هـ) أمير الرقة في عهد الرشيد، ففي العقد الفريد: ((وقال له الرشيد يومًا وكان معتلًا عليه: أتبقّون بالرّقّة؟ قال: نعم، ونُبَرغث!)). وقد يكون الفعل أَبَقَّ يُبِقُّ مثله. بمعنى أصابه البق.
وقال الجاحظ في (الحيوان 5/ 1189 ت هارون) ((بينا غيلان بن خرشة، يسير مع عبد الله بن عامر، إذ وردا على نهر أمّ عبد الله فقال ابن عامر: ما أنفع هذا النهر لأهل هذا المصر! قال غيلان: أجل أيها الأمير، والله إنهم ليَسْتَعْذِبُون منه، وتفيض مياههم إليه، ويتعلّم صبيانهم فيه العَوْم، وتأتيهم ميرتُهُم فيه. فلما أن كان بعد ذلك ساير ذات يوم زياد [بن أبيه] -وكان زيادٌ عدوّا لابن عامر- فقال زياد: ما أضرّ هذا النهرَ بأهل هذا المصر! فقال: أجَلْ والله أيها الأمير! تَنِزُّ منه دُورُهم، ويغرق فيه صبيانهم، ويُبعضون ويُبرغثون)) وقال الجاحظ (الحيوان 5/ 396): ((ويزعم أهل أنطاكية أنهم لا يُبعضون لطلّسم هناك)).
وأقول: لم ترد هذه الأفعال (بُرْغِث وبُقَّ وبُعِضَ) في المعاجم، فإن قيل إن الاشتقاق من الأسماء قياسي ولا يلزم إن يُذكر في المعاجم، إنما يسوغ عند الحاجة إليه، قلت: ورد في المعاجم اسْتَحْجَرَ الطين، أي صَار حَجَراً، واستنوَقَ الجملُ، وهما مشتقّان من الحجر والناقة، وهذا مثل ذاك.