خالد بن عبدالرحمن الذييب
يعد مؤشر ازدهار المدن (City Prosperity Index - CPI) الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat)، أداة تحليلية مهمة لقياس تفوق المدن، ويقوم على ستة أبعاد رئيسة، تشكل هيكلاً لتقييم أي مدينة، وهي: الإنتاجية (Productivity)، والتي تمثل قدرة المدينة على خلق الثروة وفرص العمل، تطوير البنية التحتية (Infrastructure)، والتي تعنى بتوفير الإسكان، والمواصلات، والمرافق الأساسية، جودة الحياة (Quality of Life): الصحة، التعليم، والأمن والسلامة، العدالة والاندماج (Equity and Inclusion) وتُعنى توزيع الدخل والفرص، والحد من الفقر، الاستدامة البيئية (Environmental Sustainability)، والتي تهتم بإدارة الموارد وحماية البيئة، وأخيراً الحوكمة والتشريعات (Governance)، والتي تركم على الشفافية وكفاءة الإدارة المحلية.
هذا المؤشر لا ينطبق فقط على المدن الكبرى، ولكنه قابل للتطبيق على جميع الأحجام الحضرية، بما في ذلك المدن المتوسطة والصغيرة، ولكن الفرق يمكن في معايير القياس والتحديات، فالمدن الكبرى تختلف تحدياتها عن المدن المتوسطة وبالتالي مؤشراتها وطرق المعالجة لها. فالمدن الكبرى تعاني من تحديات ازدحام البنية التحتية، والتلوث، والتفاوت الاقتصادي، بينما المدن المتوسطة تعاني من مشكلات مختلفة مثل الهجرة إلى المدن الكبرى، ونقص الاستثمار، وتحدي التنوع الاقتصادي وبالتالي فإن مؤشرات المدن الكبرى تذهب إلى قياس الناتج المحلي الإجمالي، بينما المدن المتوسطة فإنها تتجه إلى قياس مساهمة القطاع المحلي مثل الزراعة والصناعات الخفيفة.
فهو عدسة تحليلية شاملة. عندما تُستخدم بمرونة ووعي بطبيعة المدينة، فإنها تساعد المدن المتوسطة والصغيرة على تحديد نقاط قوتها الكامنة (كالترابط الاجتماعي الأقوى أو الميزة البيئية) والعمل على معالجة نقاط ضعفها لمنع تدهورها وضمان دورها الحيوي كشبكة متكاملة تدعم التنمية الوطنية.
ومع وجود تنوع في المؤشرات مثل الإيكونومست، ومؤشر(GPCI) إلا أن مؤشر(CPI) يعد الأنسب للمدن المتوسطة باعتباره يركز على الرفاهية الداخلية، وتحقيق الازدهار الشامل لجميع السكان، وهذا يتناسب مع أولويات المدن المتوسطة التي يكون هدفها الأساسي هو رفع جودة حياة المواطنين المحليين وتوفير خدمات متكاملة وعادلة. كما أنه ليس مجرد أداة لتصنيف المدن عالمياً ولكنه أداة تشخيصية، وإطار عمل ومنهجية تساعد سلطات المدينة المحلية على تشخيص نقاط القوة والضعف في الأبعاد الستة للازدهار، وتحديد فجوات التنمية (مثلاً، بين المدينة والمراكز القروية المحيطة)، وقياس مدى تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs) على المستوى المحلي.
أخيراً...
المدن الكبرى تختلف تحدياتها وأهدافها، وبالتالي... تختلف مؤشراتها.
ما بعد أخيراً...
المدن المتوسطة تساعد المدن الكبرى، ولكن... بطريقتها المختلفة.