فهد المطيويع
وفق جدول الدوري الحالي، يتصدر النصر المسابقة بالعلامة الكاملة، مقدمًا مستويات لافتة في الجولات الماضية، بينما يأتي التعاون في المركز الثاني بفارق ثلاث نقاط، ثم الهلال في المركز الثالث بفارق أربع نقاط فقط. وكما هو معتاد، فإن الفريق المتصدر يسعى عادة إلى الحفاظ على تركيزه داخل الملعب، وصون مكتسباته، والتعامل مع المتغيرات بشكل متزن لضمان استمرار سلسلة النتائج الإيجابية.
إلا أن المشهد الإعلامي حول النصر لا يعكس هذا الهدوء المفترض. فبدل أن يكون التركيز منصباً على دعم الفريق في رحلة الصدارة، نرى أن بعض الإعلام النصراوي وعددًا من جماهيره يصرون على إخراج فريقهم من أجواء المنافسة بأسلوب مثير للاستغراب، وكأنهم غير مصدقين أن فريقهم قادر فعلاً على تحقيق لقب الدوري هذا الموسم. والمفارقة أن التعاون، صاحب المركز الثاني، لا يلقى ذات الاهتمام أو القلق من الإعلام النصراوي، رغم قوة الفريق وما يقدمه من مستويات مميزة تستحق التوقف عندها. كل الأضواء موجّهة نحو الهلال، رغم فارق النقاط الذي يفصل بينه وبين النصر. بصراحة مرعب هذا الهلال!
لا شك أن الخروج من كأس الملك وخسارة السوبر شكَّلا ضربة موجعة للفريق وجماهيره، خصوصًا بعد ما حظي به النصر من دعم كبير بهدف المنافسة على جميع البطولات. لكن جزءًا من هذا الإخفاق يعود إلى الاندفاع الإعلامي المبالغ فيه، الذي وضع الفريق تحت ضغط غير مبرر. الجميع يتذكر الأجواء التي صاحبت مباراة السوبر في الصين، وكيف تم تصوير البطولة وكأنها محسومة سلفًا، حتى صدّق الجمهور أن التتويج مجرد مسألة وقت. للأسف، هناك إعلاميون يفتقرون لخبرة التعامل مع ظروف المنافسات وتقلباتها، فتراهم ينجرفون خلف الموجة السائدة دون رؤية واضحة، فقط ليضمنوا الظهور والحضور في المشهد. وهذا السلوك لا يخدم الفريق بقدر ما يربك مسيرته، ويخلق حالة من التضخيم والضجيج تضر أكثر مما تنفع.
وما يلام عليه القائمون على النادي هو ترك المجال لهذا العبث الإعلامي كي يتضخم بهذا الشكل، رغم أن الطريق ما زال طويلًا جدًا، وأن استمرار هذه الأجواء قد يساهم في فقدان لقب الدوري تمامًا كما حدث في السوبر وكأس الملك. باختصار الضجيج الحالي لا يخدم إلا صانعيه من «صيادي» الترندات والمشاهدات، بينما يبقى المتضرر الأكبر هو الفريق نفسه في رحلة المنافسة.
وقفة
أحدهم يغرِّد قائلاً: «صدق أو لا تصدق.. هناك من يتمنى ألا يتأهل منتخب البرتغال إلى كأس العالم نكاية في النصر». ونقول لصاحب ذاكرة السمك: إذا كان هذا مستغربًا، فالأغرب منه أن هناك من تمنى هزيمة الهلال أمام فرق أجنبية، وارتدى قمصان أندية من مختلف دول العالم فقط نكاية بالهلال، بل إن الأمر تعدى ذلك إلى ما هو أخطر؛ فبعض من ينتمون إلى ما يعرف بـ «قروب الفلس» تمنَّوا هزيمة المنتخب السعودي نفسه لأن أغلب لاعبيه من الهلال، وكانوا خلف حملات التشكيك والتحريض ضده، حتى أطلقوا عليه لقب «المنتخب الكحلي» في محاولة لبث الفتنة وتقليل الانتماء للوطن. المشكلة الحقيقية تظهر عندما تتغير المعايير تبعًا للأهواء والمصالح، وعندما تصبح الكراهية معيارًا للحكم لا المنطق ولا الروح الرياضية.
وباختصار: بضاعتكم رُدَّت إليكم..