هادي بن شرجاب المحامض
يبدأ الأمير محمد بن سلمان زيارة رسمية إلى واشنطن تأتي في إطار الشراكة الراسخة بين المملكة والولايات المتحدة. العلاقة بين البلدين تمتد لأكثر من ثمانية عقود، وتشكل اليوم واحدة من أهم العلاقات الثنائية في العالم لما تحمله من وزن سياسي واقتصادي وأمني. الزيارة تهدف إلى تعزيز هذا المسار، وتحديث مساحات التعاون بما يخدم المصالح العليا للبلدين.
الملف السياسي يمثل ركيزة أساسية في الحوار. السعودية والولايات المتحدة تعملان على دعم الاستقرار الإقليمي، وتعزيز التعاون في مكافحة التطرف، وتطوير آليات التشاور الدائم في الملفات التي تمس أمن المنطقة والعالم. الزيارة تبحث رفع مستوى التنسيق السياسي، وتطوير أدوات العمل الدبلوماسي، وبناء مسار واضح لشراكة أكثر فاعلية.
والتعاون الاقتصادي بين البلدين واسع ومتجذر. حجم التبادل التجاري كبير، والاستثمارات المشتركة تتزايد في التكنولوجيا والطاقة والصناعات المتقدمة.
السعودية تنفذ رؤية 2030 التي تعتمد على تنويع الاقتصاد ونقل المعرفة وبناء قطاعات جديدة. والولايات المتحدة شريك رئيسي في هذا التحول من خلال الشركات الكبرى التي تعمل في الطاقة، والبتروكيماويات، والطيران، والصحة، والبنية التحتية.
في قطاع الطاقة، التنسيق بين البلدين يضمن استقرار السوق العالمي، ويعزز الابتكار في الطاقة المتجددة والهيدروجين والتقنيات الخضراء.
والتقنية أصبحت محورًا رئيسيًا للتعاون. السعودية تعمل على بناء اقتصاد رقمي متقدم، وتستثمر في الذكاء الاصطناعي والمدن الذكية وحلول البيانات.
الشركات الأمريكية تمتلك خبرة واسعة وتقنيات متطورة، وهذا يفتح بابًا لشراكات استراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والحوسبة المتقدمة.
إعلان السعودية عن قدرات نوعية في البيانات خلال القمم التقنية الأخيرة أكّد وجود أرضية خصبة لتعاون تقني أعمق بين الجانبين.
وفي التعاون الدفاعي هناك عنصر ثابت في العلاقة منذ عقود. السعودية تسعى إلى تطوير قدرات قواتها المسلحة وتوسيع برامج التصنيع المحلي، والولايات المتحدة تقدم تقنيات متقدمة، وتشارك في بناء برامج التدريب والمناورات المشتركة.
الزيارة تبحث توسيع الصناعات الدفاعية، ورفع الجاهزية، وتعزيز التكامل في منظومات الأمن.
على العلاقات الثقافية والاجتماعية بين البلدين لها جذور عميقة. آلاف السعوديين درسوا في الولايات المتحدة خلال العقود الماضية، وأسهموا في بناء جسور ثقافية وعلمية متينة.
الزيارة تشمل بحث اتفاقيات تعليمية جديدة، وتوسيع برامج التبادل الطلابي، وتعزيز الشراكات البحثية بين الجامعات، إضافة إلى التعاون في مجالات الفنون والسينما والسياحة.
ويعد الصندوق السيادي السعودي من أكبر المستثمرين في الولايات المتحدة عبر استثمارات متنوعة في التكنولوجيا والابتكار والطاقة والبنية التحتية.
الشركات الأمريكية توسع استثماراتها في السعودية مع المشاريع الكبرى التي تشهدها المملكة، مثل نيوم والبحر الأحمر والمشاريع الصناعية واللوجستية.
الزيارة تسعى لوضع خارطة استثمارية جديدة تعتمد على الابتكار والتنوع الاقتصادي.
وسوف تناقش المملكة والولايات المتحدة ملفات ترتبط بالتنمية المستدامة، وأمن الغذاء، وتغير المناخ، وتطوير شراكات تعزز النمو العالمي.
تنسيق المواقف في هذه الملفات يمنح العلاقة زخمًا إضافيًا ويعزز دور البلدين في بناء توازنات اقتصادية وتنموية جديدة.
عموماً، الزيارة تحمل طابعًا استراتيجيًا واضحًا، وتركز على بناء مرحلة جديدة من التعاون بين بلدين تربطهما شراكة قوية ومصالح مشتركة.
الملفات المطروحة تشمل السياسة، والاقتصاد، والطاقة، والدفاع، والتقنية، والتعليم، والثقافة، والاستثمار.
الهدف المشترك يتمثل في تعزيز العلاقات، وتطوير آليات العمل، وتوسيع مجالات التعاون بما يخدم مستقبل البلدين ويعزز دورهـما في العالم.