م. بدر بن ناصر الحمدان
أمانة منطقة الرياض تُبرهن من جديد على أنها تمتلك القدرة على إحداث الفارق على مستوى إدارة المدن، بل وخلق مناخ معرفي لفهم من يستخدم المكان يمكنه الوصول إلى ذاكرة الناس الذين عاشوا الرياض وعاشت بداخلهم، فذاكرة الرياض ليست مجرد رواية شفهية، بل مشهد عمراني تراكمي باق في سياقها الحضري تركه نصف قرن من العمارة خلال الفترة (1950-2000) وثقّته الأمانة باحترافية كبيرة من أجل حفظ الذاكرة الحضرية للعاصمة الرياض، هذا المشروع شمل توثيقاً معمارياً وعمرانياً لـ 112 حياً سكنياً و1155 موقعاً، ضمّت أكثر من 1000 مبنى متنوع بين مبانٍ حكومية وخدمية وسكنية.
«ما لا يُوثّق لم يحدث»، من هنا تكمن أهمية هذا المشروع النوعي لمبان ومواقع احتفظت بداخلها بسردية العمران طوال تلك الفترة التي شهدت تحوّلات عمرانية وثقافية واجتماعية ومؤسسية، وكانت شاهداً على تاريخ عريق من البناء والتشييد في حيز مدينة لم تتوقف منذ أن بدأت، فهذه الوثيقة العلمية والعملية لن تقدر بثمن مع مرور الوقت وتنامي قيمة تلك الأصول المبنية وقصص النجاح التي كانت وراءها.
فخور جداً بهذا الدور الذي قدمته أمانة منطقة الرياض في حفظ التاريخ المبني كرافد لثقافة المدن ومستقبلها، وأشيد بدور أمينها لتبنيه مثل هذه المبادرات التي جعلت ما تقوم به الأمانة شيئا لافتا، وذا أثر يستشعره الناس ويمس حياتهم وثقافتهم، ويعزز ما يحملونه من رابط وجداني آخذ في التطور مع المكان الذي يسكنهم ويسكنون فيه.