د. محمد عبدالله الخازم
المعلم والمعلمة بحاجة إلى مزيد من الوقت للتعلم والتطوير، ومزيد من الوقت للتخطيط، ومزيد من الوقت للتعاون مع الزملاء والتفكير في تقدم الطلاب وتقدم المدرسة. مؤسف، أنه في خضم العمل اليومي والتسلسل الإداري (البيروقراطي) الذي يحكم منظومة التعليم، لا يتم رؤية تلك الاحتياجات بشكل واضح ولا يتم تنميتها بشكل مرن ومنظم. كما أنه لا يتاح، أحياناً، للمعلم نقاشها أو المساهمة في حلولها. وبسبب ذلك، يجد بعض المعلمين بأن مهمته تنحصر في تدريس ما أوكل إليه، دون المشاركة بأية أفكار أو خبرات يراها مع زملائه.
لذلك، أكرر مقترحا طرحته قبل عشر سنوات تقريباً، بتحديد أيام في العام (4-6 أيام) تكون مخصصة لما يعرف بالتطوير المهني للمعلمين، أو لنسميها الايام المهنية التعليمية.
على سبيل المثال يوم كل شهر، سواء بشكل مستقل أو عبر أيام الإجازات الراهنة، التي ليس بالضرورة أن يحصل عليها المعلم باعتباره موظفاً. فكرة اليوم المهني، هو حصول الطلاب على إجازة، بينما يحضر المعلمون للمدرسة للتشارك في محاضرات/ ورش عمل تطوير مهنية واجتماعات للمعلمين للتشارك في أية أفكار تطويرية للمدرسة، للتعليم، للمعلم، للمنهج. وكذلك مناقشة أوضاع مدرستهم وتطويرها والتعرف على أبرز التوجهات التعليمية. طبعاً، مع وضع ألية تضمن حضور الجميع لتلك الأيام.
ولتبسيط الفكرة، هكذا يمكن أن يكون جدول اليوم المهني. يتم اختيار عنوان (ثيم) لكل يوم مهني، قد يساهم معهد تطوير المعلمين في اختياره ووضع خطوطه العامة، مع التأكيد على التفاعلية فيه عبر منح مساحة كافية للمعلمين لتقديمه والمشاركة والنقاش والإبداع فيه. سيكون محفزاً للمعلمين مشاركتهم في تقديم المواضيع (كمحاضرين) أو حضور، وفي تقدير ذلك ضمن تقاريرهم وانجازاتهم السنوية. على أن يتضمن اليوم وقت ساعة إلى ساعتين لمناقشة أوضاع المدرسة بقيادة مديرها والتوجيهات والمستجدات التعليمية.. إلخ.
أي قد يكون برنامجا علميا خلال الفترة الصباحية وبعد الظهر اجتماعا للمعلمين والإدارة لمناقشة أمور مدرستهم والمستجدات.
ولا بأس من اعتباره يوما اجتماعيا كذلك عبر المشاركة في وجبة غداء أو إفطار يتشارك فيها الحضور. مع التجربة وإتاحة مساحة من حرية الإبداع في كل مدرسة سيجد المعلمون أنها أيام مفضلة ومحفزة للتواصل بينهم وتنمية إبداعهم والتشارك في تجاربهم واكتشاف الخبرات الكامنة لديهم في مجال التدريب والقيادة وغيرها، بعيداً عن روتين وزحمة التدريس اليومية. كما سيجدها الطلاب وذووهم فرصة لالتقاط الأنفاس وتجديد النشاط. مع ملاحظة أنني أكتب هنا عن الفكرة بشكل مبسط حتى تصل للقارئ والمعلم والمسؤول، وهي ممارسة موجودة في دول عديدة، كجزء من التقويم الدراسي ومتطلبات التطوير المدرسي.
ملحوظة أخيرة، البعض يعتقد أن حضور المعلمين قبل عودة الطلاب يكفي لمثل هذه الأنشطة التطويرية، لكن الواقع يشير إلى عدم دقة وفاعلية ذلك، لذلك نقترح الايام المهنية التربوية موزعة على العام الدراسي، خلال إجازات الطلاب القصيرة، التي أفضل أن تكون شهرية وفي منتصف الأسبوع. حيث نرى إجازات نهاية الأسبوع المطولة أصبحت مزعجة في انتظام الطلاب والحفاظ على (روتينهم) الدراسي المعتاد. يوم في الشهر يعني ستة أيام سنوياً؛ ليست كثيرة لكنها مؤثرة إن تم الاستفادة منها.