سلمان بن محمد العُمري
وراء كل إنسان ناجح والد مكافح ومعلم ناصح فالبيت والمدرسة مكملان لبعضها، والوالدان هما الركيزة الأساسية في التربية والتعليم والتحفيز والتألق والإبداع وليس النجاح والاجتياز فقط، وعلى مر التاريخ وإلى يومنا هذا سنرى أثر التربية والتقويم والدعم والتشجيع على كل جيل من أجيال المستقبل ومنهم من قرأنا عنه ومنهم من عاصرناه وشاهدناه ومنهم من سيلتحقون بنا مستقبلاً إن مد الله في أعمارنا، وسيأتي بعدنا وبعدهم أجيال تلو أجيال.
ربما يقول قائل إن المجتمع أيضاً له تأثير في التفكير والسلوك وقد يكون عاملاً مساعداً أو هادماً للنجاح وهذا صحيح، وهذا أيضًا يجدد ويؤكد دور الوالدين في مساعدة أبنائهم على التغلب على ظروف الحياة ومشاكل المجتمع ومنها حتى التنمر الذي قد يؤثر في مسار الأبناء وتحصيلهم والتأثير المستقبلي عليهم، والمربي الناجح سواء المعلم أو الوالدين لن يزعجهم ما يفعله الآخرون مهما كان ما يفعلونه وإنما المهم كيف نعالج ما يواجهه أبناؤنا في محيطهم واستجابتنا نحن وإياهم لأي ظرف من الظروف.
لا يكفي أن نمد الأبناء بالعلم والمعرفة والتحصيل العلمي العالي والمتميز فهناك أمر لا بد ان يكون دائماً نصب أعيننا ألا وهو بناء الثقة وغرسها في نفوس أبنائنا، وهذه الثقة خيط رفيع نحتاج فيه إلى التعامل الدقيق فلا إفراط ولا تفريط، فلست مع المربين الذين يمارسون الإرهاب والتهديد والإجبار والإكراه والتوبيخ في العلاقات مع الأبناء والطلاب، وفي الوقت نفسه لا نفرط في الثقة والتعامل المثالي «السايب» بدواعي زرع الثقة الكاملة، فالتوازن مطلوب والاعتدال والتوسط هو الأساس في التعامل مع أبنائنا، فكثير من الآباء والمعلمين ما زالوا متمسكين بأسلوب الترهيب لا الترغيب، والتعجيز لا التحفير، والتهديد بالمخاوف والعواقب قبل تبيان الطريق والمسار الصحيح، لابد من زرع الثقة وتدريب الأبناء على الاستقلالية في سنوات مبكرة والاعتماد على النفس في شؤونه وفق ضوابط وحدود والانسحاب التدريجي من حياتهم في كل مرحلة من مراحل العمر مع البقاء في صفهم كمرجع وخبرات وسند عند الحاجة وعند وجود عوائق وتعويدهم حل مشاكلهم وما يواجههم. بشجاعة واتزان وحكمة.
قد تلعب العاطفة دوراً كبيراً في التأثير على العلاقة بين الآباء والأبناء وهذا أمر طبيعي وفطري ولكن الإغراق بالعاطفة والخوف الشديد لا يبني الثقة الكاملة في نفوس الأبناء ويجعلهم مترددين حتى في سنوات متقدمة من حياتهم، كذلك يجب ألا تبعثنا الحماسة والانفعالات في تحميل الأبناء ما ليس لهم به طاقة، ويجب أن نتجنب المقارنة بين الأبناء وبين زملائهم وأقاربهم ومن هم في سنهم ويجب أن نؤمن أن لكل شخص قدراته الخاصة.
يجب على المربين أن يعززوا كل سلوك إيجابي منذ السنوات المبكرة ومعالجة أي سلوك خاطئ أو تقاعس أو اضطراب ومعالجة كل موضوع على حدة سلباً أو إيجاباً، والآباء والمعلمون يستطيعون أن يبنوا شخصية جيل المستقبل ويعززوا الثقة فيهم وأن يكونوا العنصر الفعال في نبوغهم وتفوقهم وتميزهم مستقبلاً حتى يكونوا عنصراً فعالاً في مجتمعاتهم ويخدموا أوطانهم، وعلى كل والد ومربي أن يراجع طريقته في التربية هل هو من البيئة الحاضنة والراعية للموهوبين والمبدعين والمتميزين أم هو من أدوات صناعة الفشل.