د.محمد بن عبدالرحمن البشر
العلاقات السعودية الأمريكية علاقات تاريخيّة راسخة، وجميعنا يتذكر تلك الصورة التي تجمع بين الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- وبين الرئيس الأمريكي الأسبق روزفلت، ذلك الاجتماع الذي وضع القاعدة الأساسية للعلاقات المتميزة المبنية على المصالح المشتركة، وقد كان للشركات الأمريكية في ذلك الوقت دور كبير في اكتشاف النفط، واستغلاله، والذي ساهم مساهمة كبيرة في توفير الطاقة لمعظم دول العالم، وللملايين البشر، والذي بفضله بعد فضل الله قامت العديد من الصناعات، وتم التواصل بين البشر في جميع أنحاء العالم، وقد ظلت المملكة على مر السنين الدولة المنتجة والمصدرة للنفط في العالم، وهي الآن أكبر دولة مصدرة للنفط، الذي تنتجه شركة أرامكو السعودية التي تقودها وتعمل بها خبرات سعودية متميزة.
منطقة الشرق الأوسط منطقة مهمة، سياسياً واقتصادياً والمصدر الأكبر للطاقة في العالم، والمملكة هي الأكبر فيه اقتصادياً ومساحة، وأكثر تأثيراً على مستوى العالم، ومنطقة الشرق الأوسط حساسة وتعاني الكثير من المشاكل في عدد من دولها، والبعض منها تتنازعه قوتان أو أكثر مثل اليمن، وهناك دول تجتهد لوحدة أراضيها التي تحاول دول أخرى صناعة فرصة للتأثير على وحدتها، لهذا كانت المملكة تستفيد من علاقاتها المتميزة والمؤثّرة مع الولايات المتحدة ودول أخرى للحفاظ على وحدة تلك الدول واستقرارها، مثل ما تفعله الآن في سوريا وغيرها.
التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية وأمريكا يقرب من خمسين مليار دولار في السنة، وهناك استثمارات كبيرة بين البلدين بمليارات الدولارات، كما أن الدولتين تتبادلان الخبرات في مجالات عديدة، وما زال يتعلَّم العديد من أبناء المملكة في الولايات المتحدة، كما أن العديد من المسؤولين السعوديين من جميع المستويات تخرَّجوا من جامعات أمريكية، وهناك بعض الجامعات السعودية ذات صلة بالجامعات الأمريكية، كما أن بعض الجامعات الأمريكية سوف تفتح لها فروع في المملكة، وهناك تعاون كبير بين رجالات القطاع الخاص في المملكة ونظرائهم في الولايات المتحدة، يستفيد منه الطرفان وهناك تعاون ثقافي بمجالات المختلفة.
اليوم تعيش المملكة عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وهناك رؤية 2030 واضحة المعالم تشمل هيكلة كاملة للبناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والأمني والتقني، ولا شك أن المملكة سوف تستفيد من الولايات المتحدة في الكثير منها، بما يحقق أهداف الرؤية لاسيما أن أمريكا متقدمة عالمياً في المجال الاقتصادي والتقني ولديها نفوذ سياسي عالمي، واهتمام خاص بالشرق الأوسط، والذي قضيته المركزية القضية الفلسطينية، والمملكة تستثمر علاقتها المميزة وتأثيرها العالمي في السعي لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وهذا موقف ثابت، فهي صاحبة المبادرة العربية، كما أن المملكة قد حققت إنجازات سياسية لبعض الدول الشقيقة بفضل علاقاتها مع أمريكا، مثل جمع الرئيسين الأمريكي والسوري في الرياض، والسعي لحل القضية السودانية، وغيرها من القضايا المهمة.