محمد الخيبري
بينما تواصل المملكة العربية السعودية الصعود بالرياضة للمستويات العالمية وتسطير نجاحات تاريخية في كل القطاعات تحت مظلة رؤية 2030، يترقب الشارع الرياضي بشغف المرحلة القادمة لكرة القدم، ولا سيما بعد تأهل المنتخب الوطني إلى نهائيات كأس العالم 2026.
هذا التأهل، الذي جاء بصعوبة بالغة، يضع الكرة السعودية أمام اختبار حقيقي، هل سنكتفي بحضور شرفي، أم سنقدم مشاركة فاعلة تعكس حجم التطور الهائل والاستثمار غير المحدود الذي ضخته الدولة؟.
إن الفارق بين الحضور والمنافسة يكمن في طريقة عمل الاتحاد السعودي، الذي لا يزال يسير بخطى لا تتناسب مع سرعة إنجازات الرؤية، خاصة فيما يتعلق بالتخطيط الفعال لاستعدادات الأخضر.
الرهان الأكبر على استعدادات الأخضر بالمشاركة القادمة في كأس العالم ليست مجرد تمثيل رياضي، بل هي منصة عالمية لعرض صورة المملكة الحديثة والمزدهرة.. وهذا يتطلب جهوداً استثنائية من الاتحاد السعودي لكرة القدم بمشاركة فاعلة، مشرفة، ومرضية تعكس التطور الهائل بالمملكة.. فالمونديال هو نافذة المملكة على العالم، ويجب أن يظهر منتخبنا بصورة تليق بعملاق الشرق الأوسط وليس مجرد ضيف عابر..
من التخطيط العادي إلى الاستراتيجي فلا بد أن نبدأ في برنامج المباريات الودية (المواجهة النوعية)، فيجب الابتعاد عن الوديات التقليدية.. يجب تأمين مباريات من العيار الثقيل مع منتخبات عالمية كبرى (من أوروبا وأمريكا اللاتينية) تتشابه في أسلوب اللعب مع خصومنا المحتملين في المونديال.. الهدف هو اختبار قدرات اللاعبين تحت الضغط العالي والتعود على نسق المنافسات العالمية.
التنسيق الأمثل مع لجنة المسابقات هو التحدي الأكبر، فعلى لجنة المسابقات وضع خطة جدولة مرنة ومسبقة تخدم المنتخب بالدرجة الأولى.. يجب ضمان فترات تفرغ وإعداد طويلة ومناسبة، لا تقل عن شهرين قبل البطولة، دون الإضرار المفرط باستمرار وتنافسية الدوري.
حسم ملف المدير الفني والجهاز المعاون مبكراً، توفير كل سبل الدعم اللوجستي والفني للإدارة الفنية بحيث يكون هناك استقرار إداري يضمن بيئة عمل صحية بعيدة عن الضغوط غير المبررة.
ضرورة التعاقد مع خبراء عالميين في الإعداد البدني والنفسي لرفع مستوى اللياقة الذهنية والجسدية للاعبين، لمواجهة تحديات البطولات المجمعة. لا يمكن أن تكون الاستعدادات مثالية للمنتخب ما لم يكن المنتج المحلي (الدوري) سليماً وعادلاً.
وهنا يبرز الخطر الحقيقي من تباطؤ اللجان في تخبط لجنة المسابقات الجدولة غير المستقرة والمفاجئة ترهق اللاعبين وتؤدي إلى زيادة الإصابات والإرهاق الذهني، وهو ما يؤثر مباشرة على جاهزية النجوم الذين يمثلون قوام الأخضر. عندما تغيب العدالة التحكيمية والقانونية (بالتأخير أو التباين في القرارات)، فإن ذلك يخلق بيئة تنافسية غير صحية تؤثر سلباً في الروح الرياضية للاعبين.. اللاعبون بحاجة للتركيز على كرة القدم لا على القرارات الإدارية المتأخرة أو المتضاربة.
توثيق البطولات مؤشر على وتيرة العمل البطيئة وتأخر لجنة توثيق بطولات الأندية لفترة طويلة جداً دون مبرر منطقي، رغم أن البيانات متوافرة ومعروفة، هو مؤشر على أن وتيرة العمل المؤسسي في الاتحاد تسير ببطء شديد.
هذه الوتيرة هي ما نخشى أن تنعكس على ملف تجهيز المنتخب الذي يتطلب قرارات سريعة، حاسمة، ومبنية على التخطيط الاستراتيجي.. توثيق تاريخ الأندية هو جزء من بناء الهوية الرياضية، وتأخيره يثير التساؤلات عن كفاءة إدارة الملفات الكبرى.
دعوة للتحرك السريع حسب الإمكانيات المادية والبنية التحتية لدينا جاهزة، لكن الاستثمار الحقيقي يجب أن يكون في السرعة الإدارية وكفاءة العمل المؤسسي.. يجب على الاتحاد السعودي لكرة القدم أن يطلق ثورة إدارية حقيقية تتخلى عن العمل البيروقراطي البطيء وتتبنى النهج الاستراتيجي المتسارع الذي تمليه رؤية 2030.
المونديال على الأبواب، والجمهور يتطلع إلى منتخب يقدم مستوى مشرفاً يليق باسم المملكة، وهذا لن يتحقق إلا إذا تحولت لجان الاتحاد إلى خلايا نحل تعمل بتناغم وفعالية مطلقة لخدمة هدف واحد: أن يكون الأخضر قوة منافسة على الساحة العالمية في 2026.