د. محمد عبدالله الخازم
نرحب بسعادة أمين مجلس شؤون الجامعات المكلّف، د. ناصر العقيلي ونتمنى له التوفيق في مهامه الجديدة. ثُم بعد، هنا انطباعات/ أسئلة، نرجو أن تكون داعمة له كوجهات نظر من خارج صندوق المجلس. مع التذكير، «نقطة ضوء» تقدم مفاتيح وليس سرديات مطولة.
أسس مجلس شؤون الجامعات (مجلس التعليم العالي، سابقاً) كأمانة لاجتماعات رؤساء الجامعات، أعضاؤه، ثم نما وازدادت مهامه حتى وصل إلى حجمه الحالي. لم يعد يكتفي بالتنسيق والإشراف على متابعة التوصيات والقرارات، بل تطور ليكون الأداة المركزية/ التنفيذية التي تدير الجامعات. السؤال، وفق ذلك، هل هو في الطريق لأن يُعلن كـ «وزارة» أو «هيئة للتعليم العالي/ الجامعي» منفصلة عن التعليم العام؟!
مجلس شؤون الجامعات، هو المعزز والضامن للرؤية والفلسفة والسياسة العامة التي يسير عليها تعليمنا الجامعي. الأبجدية الإستراتيجية تعني وجود فلسفة ورؤية يسير وفقها قطاع التعليم الجامعي، تتواءم مع الرؤية الكبرى للوطن وتأخذ في الاعتبار الرؤى الأصغر المكونة له. يحكمها الجانب المكتوب المتمثِّل في النظام/ القانون ورؤية القيادات ذات العلاقة. نظام التعليم الجامعي (الصادر 2019) احتفي به ويتم اعتبار استقلالية الجامعات أهم معالمه. آخر التأكيدات على هذا المبدأ أوردها معالي وزير التعليم في لقائه - أكتوبر 2025م - مع مسؤولي الجامعات الحكومية والأهلية في جدة.
يبدو أن هناك صعوبات في تطبيق نظام التعليم الجامعي. بغض النظر، عن كون التنظيم -كما يرى البعض- مجرد نصوص يتم تأويلها وتعديلها وتكييفها من وقت لآخر وفق القناعات الإدارية، فإننا نقترح ضمن المعوقات غياب الفلسفة/ الرؤية/ السياسة العامة/ الغايات (سموها ما شئتم) التي يسير وفقها التعليم العالي في المملكة. التطبيق الجيد يتطلب توافق طموحات/ متطلبات/ رؤية المكونات الأربعة؛ (1) نظام التعليم الجامعي، (2) الإستراتيجية العامة، (3) رؤية قادة مجلس شؤون الجامعات، (4) متطلبات الجامعات.
وعليه فإن ضمن أسئلتنا لمقام مجلس شؤون الجامعات؛ ما هي الغايات/ الأهداف البعيدة المدى/ الفلسفة/ السياسة العامة للتعليم الجامعي السعودي؟ كيف يعمل مجلس شؤون الجامعات على مشاريعه في ظل غياب رؤية عليا تحكم التعليم الجامعي، بما في ذلك الرؤية الوجودية الخاصة بالمجلس ووزارة التعليم؟ ما هي الصورة النمطية التي يريد المجلس تعزيزها حول أدواره؛ العمل كجهة توجيهية أو تواصلية، جهة تشغيلية أو فكرية، جهة مركزية أو تمكينية، جهة تحكمية أو تطويرية؟
مجلس شؤون الجامعة، لكي تكون قراراته مستندة على أسس علمية وموضوعية، يحتاج إلى أمرين مهمين. الأول، تفعيل آليات التواصل واستيعاب تطلعات العاملين في الميدان، أعضاء الهيئة التدريسية والنقاد والدارسين والمستفيدين بمختلف الجامعات. الثاني، تفعيل وتحسين الدراسات وقواعد المعلومات ذات العلاقة بالتعليم العالي وسياساته. الموضوعية والشفافية والانفتاح على مختلف الآراء، مصدر مهم لتطوير السياسات واتخاذ القرارات..
أيضاً، هناك حاجة إلى تحفيز ورفع مستوى مساهمة القطاع الأهلي ومراكز الفكر المستقلة أو الجامعية في مناقشة ورسم السياسات التعليمية. سنفرد لذلك مقالاً آخر، لكن نرجو -على عجالة- من مجلس شؤون الجامعات تحفيز وتسهيل هذا الأمر...
أكرر الترحيب بسعادة الأمين العام (الجديد) لمجلس شؤون الجامعات وأرجو له التوفيق.