عثمان بن عبدالمحسن العبدالكريم المعمر
اعتاد الناس في بلادنا الغالية منذ زمن بعيد أن يكون في كل مدينة صغيرة أو كبيرة لخطيب الجامع الرئيس مكانة خاصة، فهم ينظرون إليه أنه الشيخ والقاضي والمعلم الذي له مكانة خاصة في قلوب الجميع يسمعون كلامه ويطيعون أمره وينفذونه بلا جدال.
كان في مدينة المجمعة في فترة من الفترات الشيخ العنقري، وهو من يقوم بهذه الأمور ويحتل مكانة خاصة في القلوب، وفي يوم من الأيام وبعد أن صلى بجماعة مسجده قال لهم لقد رأيت البارحة رؤيا وهي أن سراج جامع مدينة حرمة قد انطفأ، وكانت السرج في ذلك الزمان عبارة عن علبة زيت فرامل أو ما شابهها، وهذه العلبة تعبأ بالكيروسين ويدخل في فتحتها قطعة قماش ثم بعد ما تشرب القاز يشعل بالكبريت في رأسها فتضيء إضاءة خفيفة في المكان ليتمكن الناس من الصلاة الليلية، وعند انتهاء الصلاة تطفأ حفاظاً على الكيروسين، وقال الشيخ العنقري -رحمه الله- لقد أولت ذلك أن إمام جامع حرمة وكان ابن سليمان قد توفي، وهذا فعلاً كان قد وقع.
وقبل فترة ليست بالبعيدة توفي الخال عبدالله بن حسن العسكري ذلك الرجل الفاضل والمحسن، والذي له أعمال في البر والتقى لا يعلمها إلا الله، وفعلا من مثله لا يفقد، كان نوراً في بيته وفي مسجده الجامع بجوار مجمعه السكني، وعندما علم الكثير في مدينة الرياض ومدينة المجمعة وحرمة والأرطاوية وحفر الباطن بوفاته تداعوا للصلاة عليه -رحمه الله- وأعلى مكانته وجمعه بوالديه ووالديهم في الفردوس الأعلى من الجنة، تم تأخير صلاة الظهر في مسجده نصف ساعة ليلحق الجميع للصلاة عليه وتوديعه إلى مثواه الأخير، ووجد الجميع صعوبة في الوصول إلى جامعه رحمه الله، وجاء خلق كثير.
صرت أتساءل: من أين أتى كل هؤلاء البشر وأيقنت أن من أحبه الله، حبب خلقه فيه، وهذا عاجل بشرى المؤمن.