د.محمد بن عبدالرحمن البشر
الحضارة العالمية بدأت من الأرض العربية، والعرب في المشرق العربي قد تركوا أثراً بارزاً قرأ بعض منها الأجيال البشرية المتعاقبة، فشبه الجزيرة العربية غربها ووسطها وشرقها وجنوبها، والشام والعراق ومصر تم اكتشاف جزء يسير من كنوزها وأمكن التعرف عليه، بينما مازال الكثير لم يكتشف بعد، وهي منطلق الرسالات والكتب التي مازال يتبع تعاليمها الكثير من سكان الأرض.
مصر التي سميت عبر التاريخ بأسماء كثيرة متعاقبة، مثل كمت أي الأرض السوداء أو الخصبة، وكذلك دشرت أي الأرض الحمراء، وإيجبت ومنها خرج اسم القبط، ومصريم، وغيرها، احتفلت هذه الأرض بحضارة عريقة ومازالت لم تكشف عن الكثير من أسرارها، ففي كل فترة يتم اكتشاف قطعة أو قطع جديدة بعضها ذات إضافة تاريخية وحضارية.
وقد تم افتتاح المتحف المصري الكبير بحضور الرئيس المصري وشخصيات بارزة، وتزامن مع حفل الافتتاح، احتفالات في متاحف عالمية تحوي قطعا أثرية مصرية مثل لندن وباريس وغيرها، والمتحف يحوي نحو مائة ألف قطعة، ويحتاج الزائر إلى أكثر من يوم لإتمام مشاهدة جميع القطع، وعلى رأسها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون الذي تم اكتشافه عام ألف وتسعمائة واثنين وعشرين في وادي الملوك بالصعيد، ولم يعرض سوى قناع الملك أما الجثة فقد تقرر بقاؤها في القبر، وقد بقيت المتاحف الأخرى كما هي، لكن ما يميز هذا المتحف هو التقنية وأسلوب العرض والمساحة والخدمات وغيرها بالإضافة إلى كمية القطع، ومن تلك القطع، قطعة مصنوعة من جلد البقر والماعز، ونسيج من الكتان، وقد وضعت على شكل طبقات، بطريقة فنية، وكان السائد أنها قد وضعت على صدر الملك كنوع من التعاويذ، لكن تبين أنها للحماية من السهام، حيث لا يمكن للسهم اختراقها على بعد مترين مهما كانت سرعته السائدة في ذلك الزمن، وقد جاءت فيما بعد الدروع الحديدية بعد اكتشاف الحديد واستخدامه في هضبة الأناضول، عام ألف ومائتين قبل الميلاد، ومنها انتقل إلى اليونان، ثم تم تطوير استخداماته، وانتقل إلى الشام وفلسطين، واستخدمه النبي سليمان عليه السلام عام ألف وتسعة وثلاثين قبل الميلاد، ثم انتقل إلى مصر لكن الدرع الجلدي بقي في الاستخدام تزامنا مع الدرع الحديدي فترة من الزمن نظراً لفاعليته وخفة وزنه.
نابليون بونابرت الذي قدم إلى مصر غازياً في القرن الثامن عشر صحب معه عددا من العلماء، وكان عاشقاً للحضارة المصرية القديمة، كما هي حالي، وقد فشل في حملته العسكرية، لكنه فتح باباً واسعاً للكثير من الاكتشافات الآنية والمستقبلية، وحمل معه بعضاً من القطع الأثرية، وفي القرن الثامن عشر، تم العثور على حجر رشيد بالصدفة من قبل أحد الجنود، وكان مكتوباً عليه بعض الدعوات وتمجيد الملك، وقد كتب باللغة اليونانية القديمة، واللهجة العامية المصرية السائدة، واللغة المصرية الرسمية، ومنه تم فك الرموز والتعرف على اللغة المصرية، وقد سبق هذا الاكتشاف مؤلف عربي يقال له بن وحشيه الذي عاش في القرن الثالث الهجري، وترك لنا كتابا اسمه : شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام، وقد تمت ترجمته إلى الانجليزية في عام ألف وثمانمائة وستة، والفرنسية ألف وثمانمائة وعشرة، تطرق فيه إلى الكتابة المصرية القديمة، وأشار إلى أنها مزيج من الرسوم والرموز الصوتية، بينما العالم الفرنسي شامبليون الذي فك الشفرة الكتابية قد أصدر كتابه عام ألف وثمانمائة واثنين وعشرين؛ أي أنه بنى على كتاب ابن وحشية واعتمد عليه.