ناصر زيدان التميمي
إن المقولة التي تفصل بين جوهر الحب وزيفه هي بيان فلسفي بليغ: «الحب إن لم يجردك من أي ثقل فهو ثقل إضافي لا يُعوّل عليه». هذه العبارة تدعونا للنظر إلى الحب لا بوصفه غنيمة نكسبها، بل بوصفه خسارة ضرورية؛ خسارة لكل ما يُثقل الروح ويُقيّد الخطو.
الثقل في هذا الميزان ليس حمولة الحقائق الصعبة في الحياة، بل هو عبء العلاقة الرديئة التي تُحوّل الشريك من رفيق درب إلى رقيب على الوجود. إنه الثقل الناجم عن علاقة تتغذى على الشك المستمر، تطالبك باستهلاك طاقتك في إثبات نقاء نيتك، وتفرض عليك ارتداء قناع الكمال خوفاً من الانهيار. هذا النوع من الحب هو استعمار نفسي يُجبرك على حمل أمتعة طرفين، أمتعتك وأمتعة شريكك، ليصبح الثقل الإضافي الذي لا يمكن للروح تحمّله ولا يمكن للحياة أن تعوّل عليه.
أما الحب الأصيل، فهو عملية تطهير وجودي؛ يمنحك رخصة للتخلي عن كل تلك الأثقال المكتسبة. إنه يحرر مساحة داخلية شاسعة، لم تكن تعرف بوجودها، كي تتنفس فيها بعمق أكبر وتتحرك بخفّة. هذه الخفّة ليست سطحية، بل هي قمة الشجاعة التي تسمح لك بـ»أن تكون»، دون الحاجة للتعريف أو التبرير. الحب الحقيقي هو الشريك الذي يقف إلى جانبك، لا ليُحمّلك، بل ليُذكّرك بأنك قادر على الطيران وأنك لست مُرغماً على البقاء في القفص. إذاً، ليس الحب هو الذي يجب أن يكون ثقيلاً ليثبت جديته، بل يجب أن يكون خفيفاً ليثبت قدرته على التحرير.