خالد بن عبدالرحمن الذييب
كثير ممن سيقرأ العنوان سيذهب عقله إلى أنه نوع من المواساة لمن يشعر بغدر أو نكران من الأصحاب أو زملاء العمل، ودعوة للهدوء وأن تضع يدك على خدك ترقبهم منتظراً ذلك اليوم الذي «سيعرفون فيه قيمتك». المفاجأة الأولى أن هذا اليوم لن يأتي أبداً! لذلك لا تشغل بالك في انتظار هذا اليوم، ولا تعتقد أنهم فكروا فيك يوماً منذ تركتهم، والمفاجأة الثانية، أن هذا ليس خطؤهم، ولكنه خطؤك أنت، نعم.. أنت، لأنك اعتقدت أنك أعطيت الكثير مع أنك لم تقدم شيئاً، وهذه المفاجأة الثالثة، أنت لم تقدم شيئاً، كل ما قدمته هو دورك في الحياة في مكان ما، وفي زمن ما، انتهى الدور، ابحث عن دور ثان، فهم لن يعرفوا قيمتك وأنت لم تفقدها.
في أي علاقة تم استبدالك فيها، لا تراقبها من غياهب القلق، ولوعة الانتظار تفكر، «يوماً ما سيعرفون قيمتي». انطلقوا بمشاريعهم بدونك؟! تنتظر فشلهم ليعرفوا قيمتك؟! ما لا تعرفه أنهم قدَّروا قيمتك بأنك لا تصلح بالنسبة لهم فتركوك، فلا تنتظر بعد أن يتركوك أن يعرفوا قيمتك، فمن لا يعرف قيمتك في وقتها لا حاجة بأن يعرف قيمتك بعد فوات الأوان.
يُقال «جرٍّب غيري تعرف قديري»، حتى ونحن نضرب هذا المثل، نصغِّر من أنفسنا «قديري» فإذا اعتبرت قدرك «قدير» فلماذا تلومهم إذا تعاملوا مع «قديرك»! أم أن السجع أصبح أهم من «القدر» فتحولت إلى «قدير»!.. والسؤال الأهم لماذا تنتظر أن يجرّب غيرك؟! لا تضيع وقتك في متابعة تجاربهم وانتظار فشلهم حتى «يعرفوا قيمتك» فطالما أنك تعرف قيمتك فلا حاجة لانتظار أحد أن يعرف قيمتك، صدقني يا من تقرأ هذه الكلمات، قيمتك في نظرتك لنفسك وليست بنظرة الناس إليك، لا تشغل نفسك كثيراً بأفكار لا معنى لها، تنتظر سقوطهم بدونك ليعرفوا قيمتك؟ المفاجأة الرابعة، لن يسقطوا.
أخيراً...
الحياة مثل موج البحر ساعة ترقى بنا إلى الأعلى وننتشي بنشوة والانتصار، وساعة تأخذنا تحت موج البحر حتى نصارع الموت، وهكذا، إلى أن تأتي اللحظة الأخيرة والتي لا طلوع بعدها أبداً، ساعتها.. لا يهم إن عرفوا قيمتك أم لا..! فقيمتك حينها.. تظهر بأعمالك.
ما بعد أخيراً...
انطلق في حياتك، وادخل كل تجربة بشغف التجربة الأولى.