عبدالعزيز صالح الصالح
لقد أوصى ديننا الإسلامي الحنيف بحسن المعاملة وعدم التفرقة بين السوي والمعاق، سواء في النظر أو السمع أو النطق أو الحركة، فقد حث الإسلام الأمة على التعاون والتكاتف والترابط والتآلف و المساواة والعدل و الرحمة و الوفاء والإحسان والبر - كما قال الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} المائدة آية: (2).
فحياة الإنسان لا تخلو من المصاعب والمشاكل والمتاعب؛ فالغني له مشاكله والفقير له مشاكله والعامل والعاطل والكبير والصغير والضعيف والعاجز والمريض فالكل تعصف به مشاكله - وليس المهم أن ننظر لكل الأمور بعين متفائلة أم بعين متشائمة؟ فلو أمعن المرء قليلاً في نظارته التي يرتديها: هل هي سوداء مظلمة أم بيضاء مشرقة؟ فصاحب النظارة السوداء لا يرى إلا الظلام - وصاحب النظارة البيضاء لا يرى إلا الخير.. والكمال والنجاح - فقد كان سيد التابعين - عطاء بن أبي رباح - يتصف بستة قصور فهل تكسرت عزائمه؟ هل بكى على قدره؟ لقد كان لعطاء أذنان تسمعان ورجلان تمشيان ولسان ينطق به ويد يكتب بها، وعقل يفكر به ويحفظ به.. هذا ما وجده عطاء في نفسه كان ينظر إلى الحياة بعين المتفائل الراضي الذي يمتلك الكثير والكثير من النعم، وكان «عطاء» يدرك تمام الإدراك أن التغيير بعيداً من الداخل فقد طلب العلم من عند كل عالم وفقيه وأثبت لنفسه ولغيره أنه قادراً على تغيير مجرى حياته الى الافضل والأحسن، ومن خلال هذه العبارات الجميلة آنفة الذكر خاطب «عطاء» نفسه بنفسه فماذا حدث له؟ لقد صاح المنادي في زمن بني أمية في مكة المكرمة في فترة أيام الحج لكي يفتي الناس إلا عطاء بن ابي رباح، وقال عنه الامام أبو حنيفة: ما رأيت أفضل من عطاء - لقد أصبح عطاء بن أبي رباح عالما وفقيها في زمنه- رسم صورة ذهنية متفائلة مشرقة عن نفسه وواقعه، فكان له ما رأى وتوقع.
فالواجب على كل إنسان منا أن يتفاءل بالخير دائماً.. هذه قصة عطاء الذي مكث في الحرم 20 سنة يطلب العلم. فالواجب على وسائل الاعلام المختلفة أن يكون لها دور بارز وفعال في تثقيف المجتمع عن أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام وفاقد حاسة النطق بشكل خاص فهي التي تعد من الحواس الخمسة المهمة لدى كل إنسان منا، فإن فاقد النطق يشعر تارة بالمعاناة لعدم تفهمه للآخرين وتفهم الآخرين له! وقد يصاب تارة بالإحباط والإخفاق وخيبة الأمل في شتى نواحي الحياة أحياناً، فقد تغيرت وبعد هذا وذاك فإن نظرة أفراد المجتمع عن فاقد النطق عندما أعدت لهؤلاء من قبل الجهات المعنية بوزارة التعليم دوراً يتلقى فيها مختلف الوسائل التعليمية على أيدي معلمين ذوي كفاءة عالية وخبرة طويلة يساعدونه على اجتياز معاناته فإن المرء المكافح - يفكر وينتج ولا تمنعه إصابته لأنه يستطيع بعد توفيق الله وكرمه بعقله وفكره، وبقية الحواس الخمس ويحاول التعامل مع من حوله ومنافستهم والتفوق عليهم في شتى نواحي الحياة.
لأن التفوق ليس حكراً على الذين يتكلمون بألسنتهم ويستمعون بأذانهم، فهناك أناس فاقدو حاسة النطق وأفادوا البشرية بشكل عام في مختلف المجالات العلمية والأدبية والاجتماعية والفنية والرياضية والمهنية - وفاقد النطق فإنه يتحمل كافة المصاعب والمتاعب والمشاق من كافة أفراد محيطه الاجتماعي بشكل يصبو إلى العطاء والنجاح والتفوق في مسيرة حياته العملية، وذلك بسبب التقنيات التعليمية المتاحه التي تحمل دلالات إيجابية.