سلمان بن محمد العُمري
في برنامج فضائي على الهواء كان أحد الأكاديميين الأفاضل من إحدى الدول العربية الشقيقة يجيب كعادته عن أسئلة المشاهدين والمشاهدات، وإن كان معظم ضيوفه الأخوات، ولا غرابة في ذلك لحبهن الشديد لـ(الرغي) على تعبير صاحب البرنامج، ثم ما يتميز به الرجل من سعة علم وبال وتغليفه الأجوبة بقوالب فكاهية بسيطة وجذابة جعلت له متابعين من مشرق العالم العربي ومغربه.
من طرائف الإجابات ومعظمها لا تخلو من الطرائف أن إحدى المتصلات كانت تعرض مشكلتها بأسلوب انفعالي منذ عرض مشكلتها وحتى حينما بدأ الشيخ في الإجابة وكلما حاول أن يعرض المشكلة ويورد الحل قاطعته قبل أن يكمل، فما كان منه إلا أن قال: طالما أنك تعرضين المشكلة وتخبريني بالحل الذي هو في قناعتك أنت (أمال بتتصلي بيا ليه)!!، وقال أيضاً: أنا لم أستطع أن أتواصل معك في الحديث لمدة خمس دقائق ولا أدري كيف صبر عليك الزوج لمدة عشرين عاماً، وأنا لم أسمع من الطرفين، ولكني أقول: (يحق له أن يطفش منك).
وأخرى اتصلت به تشتكي من ضرب زوجها المبرح لها، فسألها هل يقوم بالضرب الدائم قالت: لا ولكنه يضربني بقوة (حين أمد يدي عليه)!!
ورد عليها الواجب عليك ألا تغضبيه فكيف وأنت تتطاولين عليه بلسانك ويدك وهذا حق مشروع له بالدفاع عن نفسه، ثم قال لها الحل بسيط قصي لسانك، وتعلمي إنك لا تتطاولين عليه، واحترام المرأة لرجالها واجب ولو كسر يدك فلا يلام، ولو كان هو الذي ضربك في البداية لقلنا (ربنا يكسر يديه).
وهكذا لا تمر حلقة من حلقات البرنامج إلا ونسمع العجائب من تصرف الزوجات مع أزواجهن، والجامع المشترك بينهن ينطبق عليه المثل العامي (ضربني وبكى وسبقني واشتكى).
وبقدر ما في البرنامج من المآسي والطرائف والعجائب والغرائب إلا أنني أتمنى بث البرنامج يومياً لأن هذا الرجل رزقه الله الحكمة ويقنع المتصلين بأسلوب بسيط وأحياناً بلغتهم العامية البسيطة، ولكنه يحمل أمانة الكلمة والمسؤولية الملقاة على عاتقه في توعية الناس شرعياً واجتماعياً وبلا تكلف، وحضوره وأمثاله مهم للغاية ولاسيما في هذا الوقت الذي كثر فيه من يخببون ويهدمون البيت سواءً عبر الفضائيات أو عبر وسائل التواصل أو من خلال رفيقات السوء.
وإذا كانت النساء في العقود الماضية يشتكين من الإجحاف في حقهن والاعتداء عليهن والقسوة في التعامل معهن، فإن السنوات الأخيرة شهدت الكثير من التحولات والانتهاكات والتعديات على حقوق الزوج المادية والمعنوية، وينتهي المطاف به مخلوعاً أو مجبراً على الطلاق.
يقول أحد الذين صقلتهم التجارب والسنين: لقد تجاوزت سبعين عاماً لم أسمعُ أحداً في يومٍ من الأيام يعترف بما عليه للناس ويقول: إنني ظلمتُ هذا، وأكلتُ حق ذاك، وآذيتُ تلك…
كلنا نقولُ ونكررُ دائماً: هذا ظلمني، وذاك أكل حقي، وتلك آذتني، وكأننا ملائكة تمشي على الأرض والذين حولنا شياطين.. إن الإنصاف بين الناس قليلٌ جداً وقليلٌ فاعلهُ، وأخيراً يقول أحد الحكماء: (تجنّب عين الرضا؛ فهي عين مجاملة، واحذر عين السخط؛ فإنها متحاملة، وانظر بعين الإنصاف، فهي العين الكاملة).