محمد العويفير
دخل نادي النصر هذا الموسم بثقة كبيرة مدعومًا بانتدابات نوعية وعمل إداري قوي، ما جعل جماهيره تعيش حالة تفاؤل غير مسبوقة، فالفريق كان يظهر بشخصية البطل، طموحاته معلنة، وأهدافه كانت واضحة نحو المنافسة على البطولات المحلية والقارية، الإعلام الرياضي بدوره قدَّم الكثير من الإشادة بما يحدث داخل البيت النصراوي باعتبار أن المشروع أخيرًا بدأ يأخذ شكله الصحيح بعد سنوات من التذبذب.
لكن فجأة خسارة واحدة أمام الاتحاد في كأس الملك كانت كفيلة بقلب الأجواء رأسًا على عقب، خرج النصر من البطولة ومع الخروج خرج معه الهدوء والاستقرار، بدأنا نسمع نغمة الانتقادات الحادة، والحديث عن ضرورة إبعاد لاعبين بعينهم، أو إقالة المدرب، واتهامه بعدم امتلاك حلول فنية أو قراءة صحيحة للمباريات، وهو الذي كان قبل أيام قليلة مثالًا للمدرب المثالي بنظر البعض، أصبح فجأة غير مقنع ومنتقدًا، هذه الأزمة الطارئة كشفت عن مشكلة أعمق داخل النصر، وهي أن الفريق ما زال يعاني من هشاشة الثقة وعدم القدرة على تحمّل آثار الخسارة، فعلى الرغم من التطور الواضح الذي يعيشه النادي، إلا أن سرعة الهدم ما زالت أكبر من البناء، وأي تعثر صغير يتحوّل إلى زوبعة كبيرة، وأي خسارة تصبح سببًا للتشكيك في كل شيء.
في كرة القدم لا يوجد فريق لا يخسر، الفرق الكبيرة تُقاس بمدى قدرتها على النهوض بسرعة، وعلى المحافظة على مبادئها الفنية وإستراتيجيتها دون الانجراف خلف الضغوطات الجماهيرية والإعلامية، ومع ذلك يبدو أن النصر ما زال بعيدًا عن امتلاك هذه الثقافة، فبدلاً من التعامل مع الخسارة كحالة طبيعية في الموسم، تتحول في النصر إلى بداية أزمة، وإلى خوف من العودة للمربع الأول، فريق غير مستقر، يتخلى عن مكتسباته عند أول منعطف.
على النصر أن يدرك أن طريق الأندية الكبيرة ليس مفروشًا بالانتصارات فقط، عليه أن يؤمن أن الخسارة ليست نهاية المطاف، وأن قوة الفريق لا تظهر في لحظات الفرح، بل في قدرته على النهوض بعد السقوط، إن أراد النصر أن يبقى ضمن الصورة وأن يحقق البطولات، فعليه أن يتبنى ثقافة الصبر، ويحافظ على ما بناه، لأن الاستقرار ليس خيارًا، بل هو مفتاح العودة إلى القمة.
رسالتي:
الفرق التي تربط كل هزيمة بالانهيار، تبقى أسيرة اللحظة، وتنسى أن المستقبل يُبنى بالصبر لا بالعواطف.
** **
- محلِّل فني