خالد بن عبدالرحمن الذييب
في يوم من الأيام كنت في حديث جانبي مع أحد زملاء العمل فذكر أحد المسؤولين مادحاً له: «أبو فلان إذا أخذ إجازة الشغل يوقف»، استوقفتني العبارة «أبو فلان إذا أخذ إجازة الشغل يوقف»! هل هذه ميزة إدارية في أبو فلان؟! هل تقييم الإداري الناجح يكون شعوري بتوقف العمل عندما يغيب هذا المسؤول؟ لا شك أن هناك بعض القادة يصعب تعويضهم ولكن يتم ذلك من خلال إنجازاتهم وأفكارهم وبصمتهم في العمل من خلال إنشاء نظام جديد، أو حل إشكالية متكررة بإصدار قرار أو تعميم معين، أو المساهمة في تطوير العمل بأنظمة واضحة وملموسة، ويُعرف أنها من وقت «أبو فلان»، أما أن يقف الشغل لأن أبو فلان أخذ إجازة..؟! ففيها نظر.
عندما أسمع هذه العبارة فهذا عندي يعني ثلاثة أمور، الأول: أمور تخص المسؤول نفسه «أبو فلان»، وهي أنه «مركزي»، كل شيء لا بد أن يمر من عنده، وبالتالي لا يترك مجالاً لغيره للتعلّم، كما أنه «غير واضح»، فالمعلومة لا تخرج من عنده إلا بصعوبة وإن خرجت تخرج غامضة، حتى لا يعلم أحد ماذا يجري في المنظومة وبالتالي «إذا غاب أبو فلان» توقف العمل، فالمشكلة في أبو فلان نفسه لأنه جاهل في أبسط قواعد الإدارة القائمة على «التمكين». الثاني: مشكلة في الموظفين أنفسهم والذين بهرتهم «كاريزما» أبو فلان وألقوا بهموم العمل على ظهره، ورضوا بهذا الدور. لا أقول عارض أبو فلان وادخل معه في صراع فهو في النهاية رئيسك في العمل مهما كانت الصفة، ولكن كن واعياً ولا تقف متبلداً عندما يغيب «أبو فلان». الثالث: وهذه أكبر مصيبة عندما يكون الخلل بسبب المنظومة نفسها، وأقصد بها من هم أعلى منصباً من أبو فلان، والذين صدَّقوا أن العمل يتوقف إذا غاب أبو فلان، فالمسؤول الذي يصدّق هذا الكلام، أصبح مقوداً عند أبو فلان فعلياً، وليس قائداً، وسلّم نفسه لهذا الوهم الذي زرعه أبو فلان عند رؤسائه ومرؤوسية في نفس الوقت، بل إن هناك أحياناً من يزرع هذا الوهم عند الرئيس والمرؤوس لمصلحة أبو فلان.
أخيراً ...
عندما تسمع عبارة «إذا غاب أبو فلان توقف العمل» اعلم أن المشكلة كانت في «أبو فلان».
ما بعد أخيراً ...
نجاح المؤسسات الإدارية قائم على «النظام» الذي يؤسس له الأشخاص.