علي حسن حسون
تلقيتُ مؤخرًا دعوةً كريمةً من صندوق التنمية السياحي لحضور الحفل الختامي لمسرّعة نمو السياحة 2025، الذي أُقيم في العاصمة الرياض وسط أجواءٍ احتفاليةٍ تعبّر عن حيوية القطاع السياحي السعودي وتطلعاته الطموحة نحو المستقبل، وقد شكل الحدث فرصة للتعرف على المشاريع المبتكرة التي ستسهم في تطوير السياحة وتعزيز مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية. وجاء الحدث تتويجًا لرحلة امتدت اثني عشر أسبوعًا من التدريب والإرشاد، شاركت خلالها سبع عشرة شركة ناشئة بأفكار وحلول مبتكرة في مجالات متعددة من السياحة، في إطار دعم المملكة المستمر للإبداع وريادة الأعمال وتمكين الشباب.
وما أثار إعجابي في هذا البرنامج هو أن مؤسسي وعاملي الشركات الناشئة كانوا شبابًا وشابات سعوديين، وجدوا في صندوق التنمية السياحي جهة داعمة ومُمكّنة، وفي مركز نمو السياحة بيئةً حاضنة توجههم بخطى ثابتة نحو التميز.
ومن الدروس المستفادة من تجارب بعض الدول، أن غياب الضوابط المهنية وانتشار الممارسات غير الأخلاقية في القطاع السياحي - مثل الترويج لعقارات وهمية أو تنظيم جولات مزيفة لأغراض مشبوهة كغسيل الأموال أو الاتجار بالبشر - أدى إلى تراجع السياحة وانعكس سلبًا على اقتصاداتها، فحين تكون السياحة مصدرًا رئيسًا للدخل الوطني، فإن فقدان المصداقية يعني فقدان الثقة، ومن ثم فقدان الإيرادات.
ومن هنا، تبرز أهمية تأهيل المرشدين السياحيين العاملين ضمن هذه الشركات، فهم الواجهة الأولى التي تمثل المملكة أمام الزوار، فالإرشاد السياحي ليس مجرد مهنة، بل رسالة وسلوك يقوم على المصداقية، واللباقة، والأمانة في التعامل مع السياح المحليين والأجانب، ليكون المرشد سفيرًا داخل وطنه يعكس أصالة المجتمع السعودي وقيمه في كل جولة سياحية يقدمها، ويترك انطباعًا إيجابيًا عن الكرم والاحترام والإتقان في العمل.
وتعكس جهود صندوق التنمية السياحي ومركز نمو السياحة التزام المملكة بتمكين الشباب السعودي وإعداد جيل قادر على قيادة القطاع نحو مستقبل واعد، يوازن بين الابتكار والاحترافية والمصداقية.
وفي الختام، تؤكد هذه المبادرات أن الاستثمار في الشباب ودعم ريادة الأعمال هو الطريق الأمثل لبناء قطاع سياحي مستدام ومؤثر على الصعيدين المحلي والدولي، ويضع المملكة على خريطة الوجهات السياحية العالمية.