ماجد البريكان
في لحظات الفقد، تتلعثم الكلمات، ويغدو الحزن أعمق من أن تصفه اللغة.
رحل والدي عبيد بن بريكان - رحمه الله - أحد رجالات القبيلة البارزين، وشاعرها النبيل الذي حمل القيم في قلبه قبل أن ينظمها في أبياته.
برحيله، فقدت الساحة الشعرية صوته الصادق، وفقدت القبيلة ركنًا من أركانها، وفقد أبناؤه وأحبّته رجلاً جمع بين الشعر والمروءة والكرم والوفاء.
رجل المواقف والوفاء:
لم يكن عبيد بن بريكان شاعرًا فحسب، بل كان ميثاقًا للرجولة والصدق.
عرفه الناس كريم الخلق، حاضر الموقف، صادق القول، لا يعرف التكلّف ولا الرياء. كان يمشي في الناس ببساطة الكبار، ويعطي بلا منّة، ويقف مع من يحتاجه دون أن يُسأل.
وكان شعره امتدادًا لشخصيته؛ قويًا حين يتحدث عن المروءة، حزينًا حين يلامس الفقد، نبيلاً حين يمدح، صادقًا حين يعاتب.
كان حضوره في المجالس مطمئنًا، وهيبته هادئة لا تُفرض، بل تُكتسب من طيب سيرته. كلماته قليلة، لكنها تُبنى على التجربة والحكمة. كان مرجعًا في الرأي، وسندًا لأبناء عمومته، وصوتًا للعقل والكرم والكرامة في آنٍ واحد.
أثر لا يزول:
برحيله، فقدت القبيلة أحد أعمدتها المضيئة، وفقد المجتمع وجهًا من وجوه النبل والاعتزاز.
لكن عبيد بن بريكان لم يغب تمامًا، فمثله لا يغيب.
بقي أثره في القصائد التي كتبها، وفي المواقف التي خلدها التاريخ بين الرجال، وفي الذاكرة التي لن تنسى صوته ولا حضوره.
رحمه الله وغفر له، وجعل ما قدّمه من خيرٍ وطيبةٍ في ميزان حسناته، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.
رحيل أبي، عبيد بن بريكان، ترك فراغًا لا يُملأ، ووجعًا لا يُشفى منه الزمن. كان لي أبًا وصديقًا وملهمًا، علّمني معنى العزة والوفاء، وغرس فيّ حب الناس وخدمة الآخرين.
كل من عرفه، عرف معنى الطيبة والكرم في شخصه، وكل من جالسه خرج منه بحكمةٍ أو بذكرى طيبة.
رحمك الله يا والدي، فقد تركت فينا من سيرتك ما يملأ القلوب فخرًا، ومن طيبك ما يخلّد اسمك بين الرجال.
ستبقى خالدًا فينا، نروي سيرتك كما كنت تروي القصيد - بصدقٍ، ووفاءٍ، وعزٍّ لا يزول.
الخاتمة:
سيبقى عبيد بن بريكان عنوانًا للكرم والشجاعة، وذكرى خالدة في قلوب من عرفوه وسمعوا شعره وشهدوا مواقفه.
غاب الجسد، وبقي الأثر، وبقي الدعاء له في كل حين.
رحم الله الفقيد، وأسكنه فسيح جناته، وجزاه عن أهله وأحبّته خير الجزاء.