عبد الله الصالح الرشيد
في صباح يوم الثلاثاء الموافق الأول من شهر ربيع الآخر من عام 1447هـ رحل عن عالمنا سماحة الشيخ، عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للمملكة، ورئيس هيئة كبار العلماء، فرحيل العلماء عن المجتمع كانقطاع الغيث عن الزرع، وثلمة ونقص في أمة الإسلام وبرحيل العلماء ينقص العلم، فنحن بحاجة إلى العلم والعلماء، لأنهم يحملون ميراث النبوة الذي لا يستغني عنه مسلم، فالعلماء ورثة الأنبياء، كما أخبرنا بذلك سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وهم قدوة المخبتين الذين أوتوا نيرات من الهدى والتقى بهم تقتدي وتهتدي الأمة.
إنه عالم جليل ووجه خير محبوب صاحب سماحة بمعنى الكلمة.. فقبل عشرين عاماً تقريباً التقيت به وابني صالح أصغر أبنائي بفندق المسرة كونتننتال بالطائف، وصادف من بعد عصر الغد أن شاهدناه في المسجد الحرام وقد تحلق حوله وهو يخطب جموعاً من المتابعين له.
وبعد صلاة المغرب عدنا إلى مقر سكننا في فندق الكونتننتال بالطائف المأنوس وصدى لقاء الحرم لم يغب عن أذهاننا واهتمامنا مما جعلني أبادر بكتابة انطباعي صباح اليوم التالي وبعثه لإحدى الجرائد وتم نشره بوضوح في مكان لائق.
في الساعة الثامنة صباحاً اتصل بي مرافق الشيخ أو مدير مكتبه وطلب مني الحديث تليفونياً مع الشيخ حسب طلبه، وتلقيت شكر الشيخ واستحسانه لما كتبته، وطلبت من سماحته تشريف منزلنا بالرياض. ووعد خيراً وأخبرني بأنه يقيم الآن بالطائف صيفاً. وصورت المقال وتفاصيل الحوار الهادف البناء للاحتفاظ به، وما زلت أحتفظ بالجريدة التي نشر فيها هذا المقال والذي يتحدث عن انطباعاتي عن عالمنا الجليل..
اللهم اغفر لعبدك وارحمه وأسكنه فسيح جناتك يا رب العالمين واحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
وقد كان سماحة الشيخ من بقية العلماء العاملين المخلصين الذين نذروا أنفسهم للعمل من أجل الدين، وقد أبدله الله نعمة البصر بالبصيرة، ولا جَرَمَ أن من أعطيها فقد أعطي خيري الدنيا والآخرة، وقد سبق الأقران بعمله نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً.
وكان الشيخ -رحمه الله- من الحريصين على اجتماع الكلمة حول ولاة الأمر وطاعتهم لإدراكه بالفتن العظيمة التي تنجم عن الاختلاف والعصيان لولاة الأمر، كما كان حريصاً على وحدة الأمة الإسلامية جمعاء.. اللهم جازِ شيخنا بالحسنات إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفراناً.. اللهم اجعل منزلته في عليين.. اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده.
رحم الله سماحة الشيخ عبدالعزيز وألهم أهله وعائلته وكافة أسرة آل الشيخ الصبر والسلوان، و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- الرياض