سلطان بن محمد المالك
في عالم يتسارع فيه الإيقاع وتشتد فيه الضغوط في بيئات العمل، يصبح الخلط بين ما نشعر به وما نقوم به أعمال ونتخذه من قرارات خطرًا حقيقيًا على جودة قراراتنا، وسلامة علاقاتنا، واستقرار بيئات العمل من حولنا، وفي بيئات العمل المتقلبة، لا تخلو المواقف من محفزات تستفز مشاعرنا، كغضب من قرار مفاجئ، إحباط من نتائج غير مرضية، خيبة أمل في أداء فريق، أو حتى حماس مفرط لتحقيق إنجاز. لكن الفارق الحقيقي بين القائد العادي والقائد الناضج يتجلى في القدرة على فصل المشاعر عن ردة الفعل، والتصرف بهدوء واتزان مهما كانت الضغوط.
والمقصود بفصل المشاعر عن الأفعال هو القدرة على التمييز بين العاطفة والانفعال من جهة، والتصرف المسؤول الواعي من جهة أخرى، وهو أن تعترف بما تشعر، لكنك لا تسمح لهذا الشعور أن يقودك دون تفكير وأن يؤثر على اتخاذك للقرارات.
فالغضب مثلًا شعور طبيعي، لكن التعبير عنه بالهجوم أو الصدام قرار، والموقف المحبط قد يصيبك بالحزن أو القلق، لكن استسلامك أو انسحابك فعل ناتج عن اختيار.
المشاعر ليست عيبًا، بل جزء طبيعي من التجربة الإنسانية، لكن التصرف العفوي المبني على مشاعر لحظية قد يُحدث أضرارًا طويلة الأمد: قرار مرتجل، كلمة جارحة، أو موقف يُفقد الثقة.
القادة الناجحون هم من يتصرفون بحكمة وهدوء في هذه المواقف، فلا ينكرون مشاعرهم، بل يعترفون بها ويستوعبونها داخليًا. ثم يمنحون أنفسهم لحظة صمت قبل الرد، حتى لا تكون ردة الفعل سلاحًا يرتد على الفريق أو بيئة العمل. ويؤجلون الرد إن لزم لوقت لاحق، إلى حين تهدأ المشاعر ويصفو الذهن.
ويختارون فعلًا واعيًا يخدم الهدف النهائي وليس العاطفة المؤقتة. فالقيادة ليست في كبت المشاعر أو التظاهر بالبرود، بل في القدرة على التحكم بها وتوجيهها لصالح القرار الصائب، والحفاظ على الاحترام، والعلاقات، والمكانة المهنية.
من المؤكد أنه عندما تكون قراراتنا مبنية على العقل والمنطق، دون أن تسيطر عليها موجات المشاعر المؤقتة، فإنها تكون أكثر دقة وبعدًا عن التسرع أو التردد.