إبراهيم بن سعد الماجد
هم القلّة الذين يربطون أي جهد يبذلونه، وأي مقصدٍ يريدونه بمدى تعلقهم بالله، ويسعون لتلمس الأوقات التي يكون التوفيق فيها أرجى، والتذلل والدعاء أجدى، آمنوا بوعد الله وصدقوا، فكانت العزيمة أقوى، فتوكلوا ولم يتواكلوا، فكان النصر المبين، رغم قلّة العدد والعتاد.اختاروا أفضل الأوقات.. العشر الأخيرة من رمضان، وفيها ليلة خير من ألف شهر، حيث استجابة دعاء المتضرعين العارفين المؤمنين، ومن هذه العشر بدأت القصة:
فتح الرياض
بدأ الملك عبدالعزيز حملته نحو الرياض في 20 رمضان 1319هـ (يناير 1902م) على رأس حملة لا تتجاوز 60 رجلاً من أقاربه وأنصاره، المؤمنين بهدفه، الواثقين في قدراته، المتطلعين إلى العودة إلى ديارهم وأهلهم في عزّة وكرامة.
اليوم الموعود
كانت الرياض على موعدٍ مع التغيّر والتغيير الجذري في كل شؤونها ففي 15 يناير 1902م (5 شوال 1319هـ) وفي عملية تُعرف بـ «فتح الرياض»، حيث دخل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود - رحمه الله - الرياض وتمكن من دخول قصر المصمك، معلناً بذلك بداية الدولة السعودية الثالثة التي مهدت الطريق لتوحيد المملكة العربية السعودية لاحقًا، فكان العيد عيدان.
الملك لله ثم لعبدالعزيز
كان هذا هو الإعلان والإعلام، فلا فوقية ولا تجبر ولا تفرد، بل تذلل وتوكل على الواحد الأحد، فالملك لله، الذي مكّن لي استرداد ملك الآباء والأجداد، كان هذا الملك عبدالعزيز، صاحب العقيدة الصافية، والعزيمة الواثقة، عمر قلبه بالإيمان بالله، فاحيا ليله تهجداً وتذللاً، وكان نهاره نصراً مبيناً.
وفود البيعة
كانت وفود القبائل تتابع على الرياض مبايعة ومعلنة المؤازرة للإمام عبدالعزيز الذي كان يثق فيهم ويوليهم من الثقة والمسؤولية ما جعلهم كما أرادهم صفا واحدا فكانوا قبيلة واحدة، على الرغم من تنازعهم قبل فتح الرياض، فقد أذاب الملك عبدالعزيز تلك العنصريات، وقضى على تلك المنازعات، فصار كل أبناء القبائل وشيوخها رجالاً لعبدالعزيز، وصفاً واحدا، يدافع عن هذا الكيان الموحد، تحت راية التوحيد.
خصوم الأمس
على الرغم من وجود خصوم للملك عبدالعزيز وأسرته، إلا إن قيمه ودينه حالت بينه وبين الانتقام! بل إنه - رحمه الله - قرّبهم وصاهرهم، وجعل لهم المكانة التي جعلتهم من رجاله المقربين، المخلصين، تلك هي أخلاق عظماء الرجال، الذين لا يوجد في قاموسهم الانتقام، بل العفو والمسامحة.
رحم الله المؤسس وسدّد خادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمين، ونصر بهم دينه وأعز بهم أمة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.