إيمان حمود الشمري
موجات من النمو والتوسع عززت أهمية القلب التاريخي للمملكة، الرياض.. «حجر اليمامة» أو اليمامة ذلك اللقب الذي قيل إنه أُطلق عليها نسبة لزرقاء اليمامة بحسب الروايات القديمة، وسواء اتفقت الأقاويل أو اختلفت حول سبب التسمية، إلا أن الأمر الذي جمع بينهما هو أن كلاهما لديه القدرة على الإبصار واستشراف القادم من على بُعد مسافات طويلة، وكأنما قُدّر للرياض أن يكون لها بصيرة و«رُؤية».
منذ أن استعاد الملك عبدالعزيز الرياض، وهي فاتحة تحول في التاريخ السعودي، ففيها وُضع حجر الأساس لإعلان قيام الدولة السعودية وإرساء مكانتها لثلاثة عقود متتالية، واستمرت الرياض في التوسع، وتعاقب حكام المملكة الذين تعاهدوا على تطويرها ومتابعة تفاصيلها ودفع مسيرة نموها بوضع خطط وبرامج للبنية التحتية، مستعينين بمستشاري تخطيط عالميين ذوي خبرة في مفهوم «المدينة الحراكية»، وهو مفهوم يشير إلى تطور المدن ونموها سريعاً، لتصبح مدينة رائدة في مجال التخطيط المدني، مع الحفاظ على جذورها التاريخية، كما تم تعزيز دورها كعاصمة منفتحة على العالم بجمع البعثات الأجنبية المتفرقة في عدة أماكن بمدينة جدة، وتم نقل وزارة الخارجية فيها عام 1975 إضافة للبعثات الدبلوماسية، لتتمركز في الرياض، ويولد بعدها مشروع طموح بدأ في بداية الثمانينيات بمبادرة من الملك سلمان -حفظه الله-، حينما كان أميراً للرياض يضم 80 بعثة دبلوماسية بمخطط من الأرض الصخرية الوعرة التي تحف وادي حنيفة وتحويلها لحي راق يضم السفارات أُطلق عليه فيما بعد «حي السفارات» أو الحي الدبلوماسي، حيث ساهمت تلك النقلة بجعل الرياض بوابة للانفتاح على العالم ومركزاً للعمل الدبلوماسي، ولعبت الهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض منذ تأسيسها عام 1974 دوراً أساسياً مهماً في مراحل التطوير والنهوض فيها بكافة القطاعات، حيث فازت مشاريع الهيئة في الرياض 6 مرات بجائزة أغا خان للعمارة عن 6 مشاريع، إضافة إلى العديد من الجوائز من عدة مؤسسات عالمية متخصصة.
رحلة شاقة قطعتها الرياض من النهوض إلى مسيرة التحول، نتابع بشغف صعودها المتجه إلى القمة دون هوادة، فخلال عشر سنوات تقريباً منذ انطلاق رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كان التحول في الرياض مذهلاً!! قطار سريع يمر على محطات التغيير ويأبى التوقف، مشاريع ريادية، تطوير معالم وأماكن تاريخية مهملة يعاد ترميمها وتسليط الضوء عليها كوجهات سياحية، حماية البيئة ومراقبة التلوث والتصدي للزحف العمراني وخلق نماذج لمناظر طبيعية متكيفة مع البيئة الصحراوية، حراك اقتصادي وثقافي وترفيهي وإعلامي، مؤتمرات ومنتديات وفعاليات لا تنتهي في تلك العاصمة اللافتة للأنظار، حيث تعيش الرياض الآن في أوج ازدهارها وتألقها، يحيطها شغف أبنائها وحماسهم لها، لكونها وطناً وفخراً ومركزاً مالياً واقتصادياً نابضاً بالحياة.