نظم كرسي غازي القصيبي للدراسات التنموية والثقافية بجامعة اليمامة محاضرة لسعادة الأستاذ الدكتور علي بن عبدالله القرني حول أثر السياحة في تنمية اللغة العربية يوم الأربعاء 30 أبريل 2025م، وفيما يلي نص المحاضرة:
نبدأ بتعريف السياحة في اللغة حيث ذهب ابن فارس إلى أن السين والياء والحاء أصل صحيح ومنه السيح أي الماء الجاري، ويقال: ساح الظل إذا فاء والسيح العباءة المخططة تشبيها بخطوطها بالماء الجاري. وذهب ابن منظور إلى أنها الذهاب في الأرض للعبادة والترهب، ومن ذلك معنى المسيح ابن مريم؛ حيث كان يذهب في الأرض فأينما أدركه الليل صف قدميه وصلى حتى الصباح. في حين ذهب الزبيدي إلى أنها مطلق الذهاب في الأرض سواء كان للعبادة أو غيرها. والسائح هو الصائم، ومنه قوله تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ} (112) سورة التوبة. قال سفيان بن عيينة: إنما سمي الصائم سائحاً لتركه الملذّات كلها من المطعم والمشرب والنكاح، في حين ذهب عطاء إلى أن السائحين هم الغزاة المجاهدون. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله» وقال عكرمة: «السائحون هم طلبة العلم». وذهب العز بن عبد السلام إلى أن مفهوم السائحين هنا «هم المجاهدون أو الصائمون أو المهاجرون أو طلبة العلم». وذكر القرطبي بأن «السياحة أصلها الذهاب على وجه الأرض كما يسيح الحاء، فالصائم مستمر على الطاعة في ترك ما تركه من الطعام وغيره فهو بمنزلة السائح والمتفكرون تجول قلوبهم فيما ذكروا».
أما السياحة اصطلاحاً فهي انتقال الإنسان من مكان إلى آخر ومن زمان إلى زمان (السياحة الخارجية) أو في البلد ذاته لمدة لا تقل عن 24 ساعة، ولا تزيد على عام؛ لأغراض مختلفة من نحو: الدين والتجارة والثقافة والعلم والرياضة والترفيه إلى غير ذلك من الأغراض المشروعة. لذلك يرى ابن تيمية أن «السياحة التي هي الخروج في البرية لغير مقصد معين فليست من عمل هذه الأمة». ولا يعد من السياح العاملين في السلك الدبلوماسي ومن يعمل في القنصليّات وكذلك المهاجرون واللاجئون والمقيمون في الثكنات العسكرية المشيّدة في الدول الأجنبية والمسافرون بطريق الترانزيت ومن خلال المعابر وبعض سكان أقاليم الحدود الذين يلتحقون بأعمال في الدول المجاورة.
وللسياحة أنواع مختلفة؛ فهناك السياحة الدينية والسياحة التعليمية والسياحة العلاجية والسياحة الثقافية والسياحة الترفيهية والسياحة التجارية. وقد حث الإسلام على السياحة للتفكر والاعتبار يقول الله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ} (20) سورة العنكبوت. وقوله: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} (69) سورة النمل. وقوله: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ} (20) سورة المزمل. وقوله: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَاَ} (9) سورة الروم.
والسياحة سلوك اجتماعي تعود نشأته إلى بداية الحياة الإنسانية؛ وذلك تلبية لاحتياجات الناس المختلفة من مطعم ومسكن وبحثاً عن أناس للقاء معهم تحقيقاً لغرض اجتماعي. كما أن السياحة تسهم بنصيب وافر في الاتصال الثقافي بين الشعوب والمجتمعات إلى جانب ما توفره من قيمة اقتصادية. وإذا كان العائد الاقتصادي هو ما يحفّز المجتمعات والدول على تطوير هذا النشاط.
إنه نشاط يعود على اللغة بالنفع الكثير من خلال رفدها بثروة لغوية سواء من لهجات تنتمي إلى اللغة ذاتها أم من لغات أخرى. أما ما ورد من اللغات الأخرى فإن إفادتها منها تعد مزية وخصيصة لها إذا هي صاغتها على أوزانها وأنزلتها على أحكامها وجعلتها جزءاً لا يتجزأ من عناصر التعبير فيها. وقد وردت نصوص للعلماء يصفون فيه رحلاتهم وسياحتهم وحثّهم عليها؛ يقول الجاحظ: «من لا يطوف في البلاد ولا يداخل العباد. فاته من علم الأخبار وعجائب الآثار ما لا تعوّضه الإقامة». ويقول المسعودي في مروج الذهب ومعادن الجوهر: «وقد درجت في البلاد وطوفت في الآفاق طلباً للمعرفة والاعتبار بما دارت عليه الكائنات. ويقول أيضاً: «وسافرت أسيح في البلدان وأقلّب طرفي في عجائب الأكوان، أنظر في طبائع الأمصار واستدلّ بعجائبها على حكمة الله في خلقه، وازداد علماً بمعرفة أحوال الأمم». ويقول القلقشندي في صبح الأعشى في صناعة الإنشاء: «من عادة الناس ولا سيما طلاب المعارف أن يرحلوا إلى الآفاق، ويقطعوا المفاوز والبحار، يلتمسون علوماً أو تجارة، أو لمجرد النظر في غرائب الأقطار». كما يقول الإدريسي في نزهة المشتاق في اختراق الآفاق: «وأما صقلية فإنها جزيرة الجمال الفتان وأرض الخصب والنماء يتوافد إليها الناس من الأقطار طمعاً في جمالها ورغبة في طيب مناخها».
وكان للسياحة أثرها البالغ في تنمية العربية منذ القدم؛ فقد كان للارتحال والتنقل من مكان لآخر أثره في ذلك؛ وقد رصد العلماء ذلك في غير موضع من مصنفاتهم وضمنوا ذلك تضاعيف كتبهم. ومن ذلك أن معاوية قال يوماً لجلسائه: أي الناس أفصح؟ فقال رجل من السماط: «يا أمير المؤمنين قوم ارتفعوا عن فراتية أهل العراق وتياسروا عن كسكسة بكر وتيامنوا عن كشكشة تغلب ليس فيهم غمغمة قضاعة ولا طمطماتية حمير»، فقال معاوية من هم؟ قال: قومك يا أمير المؤمنين قريش. قال: صدقت. فمن أنت؟ قال: ابن جرم. قال الأصمعي: وجرم من فصحاء الناس.
لقد ذكر ابن فارس إجماع العلماء بكلام العرب ولغاتهم وأيامهم ومحالِّهم والرواة لأشعارهم أن قريشاً أفصح العرب ألسنة وأصفاهم لغة؛ معللاً ذلك باصطفاء الله لهم بأن جعلهم مكان حرمه، وجيران بيته وقد كانت الوفود العربية تفد إليهم من فجاج الأرض وكان الناس يتحاكمون إليهم ويتعلمون منهم مناسكهم، إلى جانب أنهم الصريح من ولد إسماعيل عليه السلام، وهم رهط بنيه الأولين وعترته الصالحين. وكانوا إذا أتتهم الوفود تخيروا من كلامهم أصفاه ومن لغاتهم أحسنها وضموها إلى سلائقهم التي طبعوا عليها. وقد وُصفوا بالفصاحة وحسن اللغة ورقة اللسان ما جنّبهم ما وُصف به غيرهم بالضعف أو العيب كالعنعنة والعجرفية والكشكشة والكسكسة وكسر حروف المضارعة. يقول أبو نصر الفارابي: «كانت قريش أجود العرب انتقاء للأفصح من الألفاظ وأسهلها عند النطق وأحسنها مسموعا وأبينها إبانة عند النطق». ويقول قتادة: «كانت قريش تجتني أفضل لغات العرب حتى صار أفضل لغاتها لغتها، فنزل القرآن بها». ولعل في بعدها عن بلاد العجم من جميع جهاتهم ما جعل ابن خلدون يقدّم لغتهم على غيرها من اللغات، إلى جانب كونها مكتنفة بثقيف وهذيل وغطفان وبني تميم. ووصف لغة ربيعة وقضاعة وعرب اليمن المجاورين لأمم الفرس والروم والحبشة بأنها لغة ناقصة الملكة لمخالطة أصحابها الأعاجم، مقرراً أنه بمقدار نسبة بعدهم عن قريش يكون الاحتجاج بلغتهم في الصحة والفساد عند أهل العربية الحذَّاق بها.
ويلحظ مما سبق ما للسياحة الدينية من أثر في تنمية اللغة، كما كانت لهم سياحتهم التجارية مترددين بين الشام واليمن. وذهب علي الجندي إلى أن الذي ساعد قريشاً على تقبل ألفاظ غيرها ما تعوّدت عليه أسماعهم من الألسنة المختلفة التي تفد إليهم ما أكسبها ثروة لغوية بخلاف أهل البادية المنعزلين في الصحراء وهو ما جعل تقبل لغة غيرهم أمراً عسيراً.
ومن نتائج الاحتكاك بين القبائل نجد أن العربي قد يجتمع في كلامه لغتان فصاعداً، وقد عالج ذلك ابن جني؛ حيث ذكر أن الألفاظ إذا كثرت على المعنى الواحد واجتمعت لإنسان واحد، فهي لغات لجماعات مختلفة مدللاً على ذلك بما روي عن الأصمعي أن رجلين اختلفا في الصقر فقال أحدهما (الصقر) بالصاد في حين قال الآخر: ( السقر) بالسين فتراضيا أن يحكم بينهما أوّل وارد عليهما فحكيا له ذلك فقال: أما نحن فنقول (الزقر) بالزاي. قال ابن جني معلقاً على ذلك بقوله: «أفلا ترى إلى كل واحد من الثلاثة كيف أفاد في هذه الحال إلى لغته لغتين أخريين معها وهكذا تتداخل اللغات». وما ورد في ذلك قول لبيد:
سقى قومي بني مجد، وأسقى
نميراً والقبائل من هلال
وقول الطفيل الغنوي:
أما ابن طوق فقد أوفى بذمته
كما وفى بقلاص النجم حاديها
ومنه أيضاً قول حسان:
بكت عيني وحق لها بكاها
وما يغني البكاء ولا العويل
ويلحظ مما سبق أن صاحب اللغة بفعل هذا الاحتكاك فقد يراعي لغة غيره. وقد علل ابن جني لذلك بأن «العرب وإن كانوا كثيراً منتشرين وخلقاً عظيماً في أرض الله غير متحجزين ولا متضاغطين فإنهم بتجاورهم وتلاقيهم وتزاورهم يجرون مجرى الجماعة في دار واحدة. فبعضهم يلاحظ صاحبه ويراعي أمر لغته، كما يراعي ذلك من مهم أمره. فهذا هذا».
وبفعل هذا الاحتكاك تنتشر الظاهرة اللغوية وتنتقل من قبيل لآخر؛ يقول ابن فارس: (وهي وإن كانت لقوم دون قوم إلا أنها لما انتشرت تعاورها كل). في حين يذهب السيوطي إلى أن بعض من يوثق به يدفع هذا ويقول لا يجمع عربي لفظين أحدهما ليس من لغته في بيت واحد. معلقاً على ذلك بأن هذا قد جاء في الشعر الفصيح كثيراً.
وقد أدى هذا التلاقح وتلك السياحة إلى ثراء المعجم اللغوي؛ يقول كارل بروكلمان: «إن معجم العربية اللغوي لا يجاريه معجم في ثرائه، إنه نهر تقوم على إرفاده منابع اللهجات التي تنطق بها القبائل العربية». وقد لفت ذلك عناية العلماء فدرسوه وميّزوا بين ما كان أصلاً في ذلك وما كان فرعاً عليه وداخلاً فيه؛ حيث يعوّل ذلك على كثرة الاستعمال، وسعة التصرف؛ يقول ابن جني: «ومن ذلك قولهم: ما قام زيد بل عمرو وبن عمرو؛ فالنون بدل من اللام ألا ترى إلى كثرة استعمال بل، وقلّة استعمال (بن)، والحكم في ذلك على الأكثر لا على الأقل».
وأما سعة التصرف فإذا «قصُر أحدهما عن تصرف صاحبه، ولم يساوه فيه كان أوسعهما تصرفاً أصلا لصاحبه؛ وذلك كقولهم أنى الشيء يأني وآن يئين فآن مقلوب عن آني والدليل على ذلك وجودك مصدر أتى يأتي، وهو الآتي ولا تجد الآن مصدراً». أما إذا كانا متساويين في كثرة الاستعمال وسعة التصرف فأخلق الحالين بهما أن يكون كل واحد منهما أصل قائم برأسه. «ومن ذلك ما ورد من قولهم: سكر طبرزل وطبرزن، وهما متساويتان في الاستعمال فلست بجاعلٍ أحدهما أصلاً لصاحبه أولى منك يحمله على ضده. ومن ذلك قولهم: هتلت السماء وهتنت هما أصلان؛ ألا تراهما متساويين في التصرف؛ يقولون: هتنت السماء تهتن تهتاناً، وهتلت تهتل تهتلاً، وهي سحائب هتَّن، وهُتَّل».
وقد كان للعلماء سياحتهم العلمية في جمع اللغة وتدوينها من أفواه العرب. فقد سأل الكسائي الخليل: من أين علمك؟ فأجابه: من بوادي الحجاز ونجد وتهامة. ويروى أن الكسائي خرج إلى البصرة ولقي الخليل هناك وجلس في حلقته فلما رأى غزارة علمه وعمق مادته سأله: «من أين أخذت علمك هذا؟ فقال الخليل من بوادي نجد والحجاز وتهامة، فخرج الكسائي ورجع وقد أنفد خمس عشرة قنية حبر في الرواية عن الأعراب سوى ما حفظ». ويقول أبو زيد الأنصاري: «لا أقول قالت العرب إلا إذا سمعته من هؤلاء بكر ابن هوازن وبني كلاب وبني هلال أو من عالية السافلة نجد أو من سافلة العالية المدينة». ويقول أيضاً: «طفت في عليا قيس وتميم مدّة أسأل صغيرة وكبيرة لأعرف ما كان أولى بالضم وما كان أولى بالكسر من عين الثلاثي في المضارع فلم أجد لذلك قياساً يرجعون إليه، وإنما يتكلم كل امرىء منهم حسب ما يستحسن ويستخف لا على غير ذلك».
ولقد جاءت عناية العلماء بهذه اللغة جمعاً ورواية وبحثاً لارتباطها بالقرآن الكريم فهي لغة الدين، وحاملة الهوية وقد نبغوا في ذلك. يقول أحد المستشرقين: «إن هذا العلم -يعني علم الأصوات- قد نما وشبّ في خدمة لغتين مقدستين هما: العربية والسنسكريتية».
وإذا كان للعرب سياحتهم الداخلية وما يتبع ذلك من آثار لغوية فقد كان لهم سياحتهم الخارجية وصلاتهم مع الأمم الأخرى. ولا شك أن احتكاك الشعوب ببعضها أمر تحتّمه الضرورة وتثبته الأحداث التاريخية متأثّرة بالعوامل الاقتصادية والسياسية والعرقية التي تضبط العلاقات الاجتماعية، غير متجاهلين مدى تأثير الشعوب المتحضرة على من هم أقل في هذا الباب. ولم يكن العرب بمعزل عن ذلك؛ فقد تأثروا بالحضارة الفارسية والآرامية والسريانية والعبرية والحبشية.
وقد أشار ابن حزم إلى الأرومة الواحدة (الأصل) التي تنتمي إليها؛ حيث قال: «الذي وقفنا عليه وعلمناه يقينا أن السريانية والعبرانية العربية التي هي لغة مضر وربيعة لا لغة حمير لغة واحدة تبدلت مساكن أهلها فحدث فيها جرس كالذي يحدث من الأندلسي إذا رام نغمة أهل القيرواني إذا رام نغمة الأندلسي. وسمعنا من يزعم أن لغة أهل فحص البلوط وهي على ليلة واحدة من قرطبة لغة تغاير لغة أهل قرطبة».
وهذا يسهل عملية الاقتراض اللغوي بين هذه الشعوب وتلك اللغات. وقد ورد شيء من ذلك في شعر عدي بن زيد؛ الذي يعد من دهاة الجاهليين الفصحاء وكان إلى جانب فصاحته يحسن الفارسية وهو أول من كتب بالعربية في ديوان كسرى، وقد اتخذه كسرى ترجماناً له ومن جملة خاصته. وكانت الوفود تفد إلى ملوك الحيرة فيسمع من لغاتهم ويدخلها في شعره. ومنهم أيضاً أبو دؤاد الإيادي وهو من شعراء الجاهلية الذي وُصف هو وعدي بن زيد بأنهما أشعر العرب، وقد ذكر الجاحظ رواية أبي إياس النصري وكان أنسب الناس أنه قال: أشعر العرب أبو دؤاد الإيادي وعدي بن زيد. في حين يذهب الأصمعي إلى اطراحهما وعدم الاستشهاد بشعرهما معللاً ذلك بأن ألفاظهما ليست بنجدية.
وفي ذلك إشارة إلى تأثرهما بلغات الأمم المجاورة وهو ما يناقض معيار الفصاحة عند الأصمعي ومن سار على نهجه من العلماء. ومن الشعراء الأعشى؛ الذي كان يفد على ملوك فارس، وقد تأثر باللغة الفارسية حتى كثرت ألفاظها في شعره. ومنهم الطرماح؛ حيث ذكر أبو عمرو بن العلاء فيما رواه الأصمعي أنه رآه بسواد الكوفة يكتب ألفاظ النبط. فقال له أبو عمرو: ما تصنع بهذه؟ قال: أعربها وأدخلها في شعري.
ولم يكن ذلك مقصوراً على الشعراء، بل وصل الأمر إلى عامة الناس؛ وقد ذكر الجاحظ «أن أهل المدينة لما نزل فيهم ناس من الفرس في قديم الدهر علقوا بألفاظ من ألفاظهم؛ ولذلك يسمّون البطيخ: الخربز، ويسمون السميط: الرزدق، ويسمون المصوص: المزُور، ويسمون الشطرنج: الأشْترَنج..... وكذلك أهل الكوفة؛ فإنهم يسمون المسحاة: بال، وبال بالفارسية». ولو علق ذلك في لغة أهل البصرة إذ نزلوا بأدنى بلاد فارس وأقصى بلاد العرب كان ذلك أشبهه، إذ كان أهل الكوفة قد نزلوا بأدنى بلاد النبط وأقصى بلاد العرب.
ويؤكد فندريس أن تطوّر اللغة في معزل عن كل تأثير خارجي يعد أمراً مثالياً لا يكاد يتحقّق في أية لغة، بل على العكس من ذلك، فإن الأثر الذي يقع على لغة ما من لغات مجاورة لها كثيراً ما يؤدّي دوراً بارزاً في تطور اللغة؛ وما ذلك إلا لأن احتكاك اللغات ضرورة تاريخية وما يتبع ذلك من تداخل اللغات.
ويذهب صبحي الصالح إلى أن العربيّة لم تكن بدعاً من اللغات في ذلك فطالما تبادلت التأثر والتأثير متى تجاورت أو اتصلت ببعضها على أي وجه، ولأي غاية. وينبغي التنبه إلى أن هذه اللغات تختلف في قوة تأثرها، ومن ثم فالتأثر والتأثير لا يسير على وتيرة واحدة وإنما هو مختلف باختلاف قوة اللغات وقدرتها على المقاومة فذكر إبراهيم أنيس أن مقدار التأثر الصوتي بين لغتين؛ الغازية والمغزوة يتوقّف على مقدار الصراع بينهما. فإذا كان الصراع بينهما قوياً كان الاقتراض الصوتي بينهما أوضح. أما حين تستسلم اللغة المغزوة دون صراع عنيف فإن تأثيرها في اللغة الغازية يكون ضئيلاً غير واضح المعالم. وذهب إلى أن اقتراض ما يتعلق بالقواعد قليل الوقوع بين اللغات، مقرراً أن هناك عدداً من العناصر اللغوية تُعَدُّ عصيّة على الاقتراض كالضمائر وأسماء الإشارة وأسماء الموصول والأعداد. ومن أمثلة التأثر في جانب القواعد والتراكيب تأثر الفارسية بالعربية في طريقة جمع المؤنث السالم؛ فيقولون في باغ: باغات. كما أن العربية استعارت من الحبشية في القديم الألف والنون في الجمع من نحو: قُضبان، وغلمان. يقول ج. فندريس: «إذا احتكت لغتان إحداهما بالأخرى آثرت كل منهما على صاحبتها حتى ذهب بعض علماء اللغة بناء على هذه الحقيقة إلى أنه لا توجد لغة غير مختلطة ولو إلى حد ما... ومن الخطأ أن تتصوّر كون المنافسة بين لغتين متماستين تحدث دائماً على وتيرة واحدة في كل الحالات؛ لأن قوّة اللغات ليست واحدة ومن ثم كانت تختلف قدرتها على المقاومة». وهي ظاهرة إنسانية عامة أقام عليها العلماء أدلة لا تحصى. كما أنها وسيلة من الوسائل المسؤولة عن نمو اللغة وتطورها ولا تقل قدراً عن القياس والاشتقاق ولاسيما من حيث الألفاظ. وتعد مزيّة وخصيصة لها إذا هي صاغت اللفظ على أوزانها، وأنزلته على أحكامها وجعلته جزءاً لا يتجزأ من عناصر التعبير فيها. وذهب محمد حسن عبد العزيز إلى أن هذا التغيير ليس بالضرورة فساداً في اللغة أو انحرافاً عن التعبير الصحيح كما يعتقد اللغويون التقليديون أن التغيير اللغوي في أغلب أحواله ضرورة ملحّة وهو أيضاً حقيقة واقعية لا يمكن إنكارها أو التغاضي عنها، ويوضح إبراهيم أنيس أنه من العسير تحديد المسؤول الأول عن الاقتراض فلا يعلم إلا في النادر من هو أوّل شخص استعار هذه الألفاظ.
وإذا كان الأمر كذلك، فهل كان في القرآن الكريم من غير العربيَّة شيء؟ لقد اختلف العلماء في ذلك على عدة أقوال: فهناك من ذهب إلى أنه ليس في القرآن من غير العربية شيء مستندين في ذلك إلى دليل نقلي، وهو قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} (3) سورة الزخرف، وقوله: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} (195) سورة الشعراء. وأن من قال بغير ذلك فقد أعظم القول وأكبره وعلّة ذلك أن القرآن لو نزل بغير لغة العرب؛ لتوهّم متوهّم أن العرب عجزت عن الإتيان بمثله؛ لأنه أتى من لغات لا يعرفونها وهذا أمر مستبعد. وهذا رأي الجمهور. في حين ذهب بعضهم إلى أن في القرآن ألفاظاً أعجمية؛ مدليين على ذلك بألفاظ عرفت أصولها في غير العربيَّة، من نحو قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ} (13) سورة الإنسان، فالأرائك لغة يمنية معروفة، وقوله: (هيت لك) يقال: إنها بالحورانية. وقد عُزي هذا القول لابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وابن جبير، وعطاء، وعدوا منها سجيل والمشكاة واليمّ والطور وأباريق واستبرق والصراط والقسطاس والفردوس ومشكاة و»الربانيون». وقد أوصلها السيوطي في الإتقان إلى مئة (100) لفظة من العربية والفارسية والحبشية والسريانية والقبطية والآرامية وغيرها.
وذهب أبو عبيدة معمر بن المثنى إلى الجمع بين كلا الرأيين؛ حيث ذهب إلى أن هذه الألفاظ قد وقعت على ألسنة العرب، وعرَّبتها حيث لاكتها الألسنة وتعاورها الاستعمال فصارت عربية بفعل التعريب ثم نزل القرآن بها فمن قال بعربيتها فقد نظر إليها من خلال تعريبها، ومن قال بعجمتها فقد نظر إليها باعتبار أصلها الذي جاءت منه. وذهب الإمام فخر الدين الرازي إلى أن ما وقع في القرآن من هذه الألفاظ لا نسلم أنها غير عربية وغاية ما في ذلك أن وضع العرب فيها وافق لغة أخرى؛ من نحو: الصابون، والتنور؛ حيث إن اللغات فيها متفقة. وذهب إلى ذلك ابن الأنباري؛ حيث قال: «قال بعض المفسرين: صرهن معناه قطّع أجنحتهن وأصله بالنبطية صريه، ويحكى هذا عن مقاتل بن سليمان، فإن كان أثر هذا عن أحد من الأئمة، فإنه مما اتفقت فيه لغة العرب، بلغة العجم إذ بيّن ذلك في قوله جل وعلا: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (3) سورة الزخرف. كما ذهب ابن جني إلى شيء من ذلك حيث قال: «إن التنور لفظة اشترك فيها جميع اللغات من العرب وغيرهم». واستبعد «أن يكون في الأصل للغة واحدة، ثم نقل إلى جميع اللغات؛ لأنا لا نعرف له في ذلك نظيراً وقد يجوز أيضاً أن يكون وفاقاً وقع بين لغتين أو ثلاث أو نحو ذلك ثم انتشر بالنقل في جميعها وما أقرب هذا في نفسي؛ لأنا لا نعرف شيئاً من الكلام وقع الاتفاق عليه في كل لغة وعند كل أمة». وذهب أحمد شاكر في العصر الحديث إلى القول بعربية هذه الألفاظ مقرراً أن وجود هذه الألفاظ في اللغات الأخرى ليس دليلا على نقلها منها إلى العربية ولعلها نقلت من العربية إلى تلك اللغات بناء على أنّ العربية من أقدم اللغات، وأكّد أن القول بالتعريب في القرآن رأي ينبوعه التحقيق حملهم عليه عجزهم عن تحقيق صحة الرواية وقصورهم عن بيان أصالة هذه الألفاظ في كلام العرب إلى جانب إعظامهم للقائلين بالتعريب في القرآن وتقليداً لهم واصفاً مذهب التوفيق بين القولين بالزعم. وقد ميَّز العلماء بين العربي من الكلمات وبين غيرها من المعرب، فمن ذلك اجتماع الصاد والجيم؛ من نحو: الصولجان، والجص. واجتماع الجيم والقاف؛ من نحو: المنجنيق، والنون والراء؛ من نحو: نرجس. والباء والتاء والسين؛ من نحو: البستان والدال والزاي؛ من نحو المهندز. وقرروا أن كل كلمة رباعية أو خماسية عرّبت من حروف الذلاقة (مربنفل) فهي غير عربية واستثنوا من ذلك عدداً من األفاظ؛ من نحو: العسجد والزهزقة والدهدقة والدعشوقة.... إلى جانب كون الكلمة خارجة عن أوزان العربيَّة؛ من نحو: إبريسم وفرند.
وكان للعلماء منهجهم في تعريب الألفاظ فمن حيث الأبنية والأوزان فمنها ما ألحق بأبنية العربية؛ من نحو: درهم ألحقوه ببناء، هجرع ويهرج ألحقوه بسلهب. وقد يتركون الاسم على حاله إذا كانت حروفه من حروفهم سواء أكان على أوزانهم أو لم يكن؛ من نحو: خراسان، وخرَّم والكركم. وربما غيروا الحرف الذي ليس من حروفهم مع الحفاظ على بنائه؛ من نحو: فرند وبقم وآجر وخربز كما هو في اللغة الفارسية. وقد يغيرون الحركة ولا يبلغون به بناء كلامهم وأوزانه معتمدين على أن الأعجمية يغيرها دخولها العربيَّة بإبدال حروفها وحركاتها. ومن ذلك أنهم يحولون حروفها إلى أقربها في العربيَّة؛ من نحو قولهم للصحراء: دست، وهي بالفارسية (دشت) كما قالوا: سراويل وإسماعيل وأصلهما شروال وإشماويل. ويلحظ أنهم أحدثوا التبادل بين السين والشين وكلاهما صوتان عربيان؛ وهذا من طرائف التعريب عندهم؛ يقول سيبويه: «وربما غيروا حاله عن حاله في الأعجمية.... فأبدلوا مكان الحرف الذي هو للعرب عربياً غيره». فمن إبدال الحروف ما ذكره ابن فارس معقباً على ابن درير؛ حيث قال: «وأما الذي ذكر ابن دريد في بور وفور فصحيح؛ وذلك أن بور ليس من كلام العرب؛ فلذلك يحتاج العربي عند تعريبه إياه أن يصيره فاء». ومن إبدال الحركات ما ورد في (سوسن) حيث هي مضمومة السين في الفارسية (سُوسن). وكذلك شطرنج بكسر الشين وهي بالفارسية مفتوحة الشين. وذكر ابن جني رواية عن أبي علي الفارسي أن العرب إذا اشتقت من الأعجمي خلطت فيه. ومفاد ذلك أن العرب لا تسير على منهج واحد في تعريب الألفاظ.
وبعد انتشار الإسلام خارج نطاق الجزيرة العربية ودخول الناس في دين الله أفواجاً حدث شيء من التأثر والتأثير بين العربية ولغات البلاد المفتوحة. ومن مظاهر تأثير العربية على هذه اللغات أنها قد بسطت ظلّها عليها فغلبت لغات موغلة في القدم؛ من نحو السريانية والفارسية والقبطية والآرامية وحلّت محلها في تلك البلاد ونقلت إليها بفعل التعريب والترجمة خبرات أهلها ومعارفهم المتنوعة حتى أصبحت من حيث الرصيد العلمي والحضاري مجموعاً جبرياً لعدة لغات عريقة. ولم تسلم العربيَّة من هذا التأثير فقد أثر اختلاط العرب بغيرهم على سلائقهم اللغوية وتغيّر ألسنتهم، يقول أبو الأسود الدؤلي: «إني أرى العرب قد خالطت هذه الأعاجم، وتغيرت ألسنتهم». وذهب أبو بكر الزبيدي إلى أن الفساد إنما وقع في اللغة العربيَّة بعد دخول الناس ذوي اللغات المختلفة في الإسلام واختلاطهم بالعرب، وأن فساد اللغة يكثر بقدر كثرة هذا الاختلاط.
وكان من آثار ذلك أن هب العلماء لجمع اللغة وعمل المصنفات المختلفة وفق حدودها الزمانية والمكانية وأقاموا مقاييسها المختلفة بغية الحفاظ على لغة القرآن رابطين بين القرآن واللغة؛ وهذا ما جعل ابن عباس يقول: «إذا أشكل عليكم الحرف من القرآن فالتمسوه في الشعر، الشعر ديوان العرب». وعدَّ بذلك واضع أول ركيزتين من ركائز المنهج في الدراسات اللغوية؛ ذلك لأنه هو أوّل من فتح باب الاستشهاد وغلب الشعر على غيره في المروي من كلام العرب. وحرص العلماء على تقديم اللغة وفق مقاييس مبنية على السماع من مصادر العربية المختلفة؛ وهي القرآن الكريم والحديث النبوي وكلام العرب شعره ونثره. وقدموا اللغة لطالبيها وفق قواعد عامة يضبطها القياس، وهذا ما جعل أبا عمرو بن العلاء حين سُئل كيف تصنع فيما خالفتك فيه العرب وكلّها حجة قال: «أقيس على الكثير الشائع، وأسمي ما خالفني لغات». وتابعه أبو علي الفارسي الذي قال: «لأن أخطئ في خمسين مسألة من اللغة أحب إلي من أن أخطئ في واحدة من القياس». ورصدوها في جزيئاتها المختلفة؛ في أصواتها وأوزانها وتراكيبها ودلالتها ولهجاتها وما يعتريها من تغيرات لغوية مختلفة وفق سياقاتها المتنوعة.
ومن آثار تعلم أصحاب البلاد المفتوحة للعربيَّة أنهم استصحبوا خصائص لغتهم الأولى وأطلق عليها العلماء مصطلح «اللكنة»؛ وهي كما يعرفها المبرد «أن تعرض على الكلام اللغة الأعجمية». حيث إن هذه اللكنة تجذب اللسان إلى العادة الأولى للناطق. ولعل السبب في ذلك هو عدم وجود الصوت الجديد؛ الذي هو في العربية في اللغة الأم ما يفضي إلى عدم التمكّن من نطقه؛ فيميل الناطق إلى أقرب الأصوات في لغته. ومن هذه اللكنة ما اتصفت به جماعة بعينها؛ يقول الجاحظ: «النبطي القح يجعل الزاي سيناً؛ فإذا أراد أن يقول زورق قال: سورق». ويقول: «والصقلبي يجعل الذال المعجمة دالا». والهندي «يجعل الجيم زاياً». ومنها اللكنة الحبشية حيث يغلب فيها الشين سيناً؛ ومن ذلك لكنة سحيم عبد بني الحسحاس الذي قال:
ولو كنت ورداً لونه لعسقتني
ولكن ربي سانني بسوادياً
ويلحظ أن هذه اللكنة وجدت في لغة الشعر عندهم، ومن ذلك لكنة زياد بن سلمى الذي قال:
فتى زاده السلطان في الود رفعة
إذا غير السلطان كل خليل
حيث قال: الشلتان فجعل السين شيناً والطاء تاء.
وحصر الجاحظ الأصوات التي اعتورتها اللكنة فعدّ منها: السين، والشين، والطاء، والحاء، والخاء، والقاف، والذال، والجيم، والغين، والزاي. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل رصد العلماء ما آلت إليه العربية في البلدان الإسلامية المفتوحة وهذا ما فعله المقدسي في كتابه أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ورصد الفروق اللغوية في البلدان الإسلامية في جوانبها المختلفة، وقد عُني فيه بلغة الخاصة منهم لا لغة الشعب الدارجة؛ ومن ذلك أن أصبح ما استعمل من العربية إنما كان في الإقليم الفارسي معللاً ذلك بأنهم كانوا يتعلّمون العربية تلقفاً ويتكلّفون ذلك فيها. وفي صحا تسود اللغة الفارسية في التجارة والمعاملة. ووصف عربية العراق بأنها حسنة فاسدة والمراد بحسنها جمال وقعها في الأذن في حين هي فاسدة لمخالفتها قواعد العربية. ويصف لهجة بغداد بأنها أجمل اللهجات العربية وأحسنها لساناً رغم كثرة ما يقع من اللحن فيهم ولا غضاضة عندهم في ذلك، حيث قال: «كنت إذا حضرت مجلس قاضي القضاة ببغداد أخجل من كثرة ما يلحن ولا يرون في ذلك عيباً». وكذلك لغة إقليم ما بين النهرين حسنة فاسدة. ووصف لغة المسيحيين في مصر بالركاكة والرخاوة، وقد كانت لغتهم القبطية إلا أن لغة البلاد هي العربية. ووصف لهجة المغرب بأنها منغلقة عسيرة الفهم، وهي شديدة الاختلاف عن عربية البلدان الإسلامية. كما رصد في هذا الكتاب ما ورد في هذه البلدان من ألفاظ مولّدة من ألفاظ الصناعة والزراعة والمهن والحرف وما يتبع ذلك من مظاهر الحياة اليومية المتنوعة.
وفي العصر الحديث زادت الحاجة إلى السياحة بأنواعها المختلفة وعنيت الحكومات والدول بهذا الجانب لما يشكّله من قوّة ناعمة لهذا آثرها الفاعل في نقل الثقافات ومدّ الجسور بين الشعوب على اختلاف أعراقهم وأجناسهم وثقافاتهم ولغاتهم كما يعد رافداً اقتصادياً ومحركاً فاعلاً من محركات التنمية لدى الدول المعنية بهذا القطاع. ومن هنا تظهر الحاجة للغة تفاعليّة وظيفية تتماشى مع هذا المكون وتعكس ثقافة البلد وتلبي حاجة السائح، بحيث تقدم العربية لأغراض مهنية بحتة وليست لأغراض أكاديمية. ومن سماتها الوضوح والبساطة والبعد عن الألفاظ المعجمية، كما تتسم بالقصر والتخفف من أدوات الربط والعلامات الإعرابية مستعينة بالتنوع في الأداء الصوتي من تنغيم ووقف ونبر. كما تستعين بالدلالة الإشارية دون اللفظية إن دعت الحاجة ومراعاة الألفاظ الشائعة ومدى توافقها مع ثقافة السائح، والعناية بالألفاظ الحسية كالبصر والتذوق والسمع، اللمس، كما يمكن الاستعانة بالصور للتوضيح.
** **
- د. علي بن عبدالله القرني