د.محمد بن عبدالرحمن البشر
تاريخ شبه الجزيرة الهندية عريق عراقة التاريخ، وقد ساهم أبناؤها مساهمة كبيرة في مسيرة الحضارة الإنسانية، وقد كان لهم باع طويل في ذلك، وكما يعلم الجميع فهي متعددة الأعراق والأديان والمعتقدات، وتحمل الكثير من الغرائب، وتاريخ العرب معها فيه تداخل قديم، قبل الإسلام وبعده، ومنتجاتها كانت حاضرة في الأسواق العربية قبل فتحها وبعده، ولاشك أن قربها من السواحل العربية جعل التواصل ممكناً، كما أن فارس في ذلك الوقت كانت جسراً لربطها مع العراق ومن ثم بقية البلاد العربية، واللغات فيها متعددة بتعدد القوميات، وحتى في القومية الواحدة تجد اختلافًا في اللغة، وعدد سكانها الأكثر في العالم، وكانت تتكون من ممالك متعددة، وهي في الغالب ممالك ثرية حيث تتمتع بالأنهار والامطار، والكثافة السكانية.
قدم إليها جيش بريطانيا العظمى مستعمراً، وتم له ما أراد، ومازالت بقايا ثقافته قائمة حتى يومنا هذا، فاللغة الرسمية هي اللغة الإنجليزية، كما انتشرت الديانة المسيحية، والإسلام قدم إليها في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وكان سنان بن سلمة الهذلي أول من فتحها، وكذلك عبدالله العبدي، وعندما أرسل معاوية بن أبي سفيان بعد توليه الحكم إلى زياد يستشيره في من يوليه على تلك الجهة فخيره بين سنان والأحنف بن قيس، مع ترجيحه للأحنف، لكن معاوية اختار سنان، وقال ما قال في الأحنف، وهذا ليس موضع إيرادها، ورد عليه زياد برد قوي وبليغ، وبعد ذلك تم الفتح في عهد عبدالملك بن مروان زمن ولاية الحجاج بن يوسف الثقفي على العراق، والذي جعل ابن عمه القاسم الثقفي واليا على البصرة، وهذا بدوره رشح ابنه الشاب الصغير لذلك الفتح الكبير بموافقة الحجاج، ولاشك ان هناك قادة أصحاب خبرة بجانب محمد بن القاسم، لكنه كان قائداً ممثلاً للحجاج . وانتشر الإسلام هناك، وساعد في ذلك سلوك التجار المسلمين، وفيها اليوم ثاني أكبر عدد من المسلمين بعد إندونيسيا.
قامت ثورات مناهضة للإستعمار الانجليزي، وكان لغاندي وطريقته السلمية الدور الأكبر في حصول الهند على الإستقلال، لسبب او لآخر قامت حرب لانفصال الباكستان عن الهند، وتم ذلك، لكن الإنجليز الذين لهم دور كبير في إدارة العالم آنذاك جعلوا فاصلاً من الأرض للهند في تلك البلاد المستقلة، فأصبح هناك باكستان الشرقية وباكستان الغربية، ثم قامت حرب بين الباكستانيتين انتهت بما يسمى الآن بنجلادش، التي تم حكمها من طرف حزبين تخللها حكم عسكري ثم حكم متناوب بين زوجة رئيس أحد الأحزاب وابنة الرئيس السابق للحزب الآخر، فكان الصراع بين خالدة وحسينه والحكم بيديهما، واليوم أصبح محمد يونس الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل رئيسا لبنجلاديش.
أما باكستان فأغلب فتراتها محكومه من قبل العسكر مباشرة او تحت ستار مدني، وكانت السيدة بنازير بوتو التي وصلت إلى الحكم عن طريق الانتخابات، ربما اول إمرأة تحكم دولة إسلامية .
اليوم حدث ما حدث في إقليم كشمير، وهو إقليم شائك ومصدر صراع بين الطرفين، فاتهمت الهند باكستان بالضلوع فيما وقع، ونفت باكستان، لكن اجراءات عملية حدثت، واشتد النزاع الدبلوماسي مع مناوشات عسكرية بسيطة جداً ومحدودة، وكلنا نعلم أن الدولتين هما دولتان نوويتان، مما يجعل الأمر أكثر حساسية وخطراً، وبادرت المملكة العربية في الوساطة لنزع فتيل الخلاف، ومن المتوقع أن يتم التوافق.