أجرى الحوار - عوض مانع القحطاني/ تصوير - عبد الله مسعود:
قائد عسكري خدم دينه ووطنه بكل إخلاص وتفان وكانت له مساهمة ضمن زملائه في تحرير الخفجي أثناء الغزو العراقي للكويت، حيث كان ضمن المدرعات والآليات التي دخلت لتحرير هذه المدينة.. إنه اللواء ركن محمد عبد الله القرني والذي تحدث عن هذه الواقعة كاشفا الجهود التي ساهمت في طرد المعتدي وكيف تم التعامل مع الأسرى والمصابين.. تحدث عن جوانب أخرى من حياته وأجاب عن بعض الأسئلة، فماذا قال:
* حدثنا عن النشأة؟
- أنا سعيد أن أكون في هذا اللقاء مع صحيفة «الجزيرة».. كانت ولادتي في عام 1380هـ في الطائف في حي معشي بالعقيق، وكنا نعيش في كنف والدي الذي يعمل في مجال الخدمة العسكرية، وهو من قبيلة بلقرن من قرية البضاضة، وقد توفي والدي بعد خمس سنوات من ولادتي وكانت الحياة صعبة بعد وفاة والدي، أصبحنا أيتاما أنا وإخواني وأخواتي، ولكن والدتي وقفت بجانبنا وحثتنا على التعليم، وبعد أن بلغت 12 عاماً أصبحت عليّ مسؤولية إعالة هذه الأسرة بمساعدة بعض الأقارب وخاصة الذي تزوج الوالدة بعد وفاة والدي حيث وقف معنا وقفة لا ننساها، ويدعى عبدالرحمن الشقاوي وله عندي دين لن أنساه في التعليم والرعاية والصرف علينا وتوجيهنا.
* كنت أبيع وأشتري في المواسم
بعدما أصبحت مسؤولا عن رعاية إخواني اتجهت إلى بيع البرشوم والرمان والعنب والبليلة في المواسم، وكذلك بيع مستلزمات الإحرام وكنت أحصل على دخل جيد من هذا العمل.
* حدثنا عن التعليم بعد هذه المعاناة؟
- والدتي وزوجها كان لهما وقفة معنا في التعليم بعد وفاة والدي فقد تم الحاقنا بالمدرسة الابتدائية في حي العقيق بالطائف، ثم درست المتوسطة في مدرسة الفاروق التي تقع في حي شيراء بعد ذلك إلى ثانوية دار التوحيد، وكانت رغبتي في الدراسة في دار التوحيد لأنه كانت تعطي الطالب راتب 360 ريال فكانت هذه المكافأة تساعدني على الصرف على اخواني.
* كيف التحقت بالحرس الوطني؟
- كان هناك في الحرس الوطني مدرسة اسمها مدرسة المرشحين والقدر هو الذي يسوق الإنسان، دخلت مبنى الحرس أبحث عن وظيفة، وكان عندي الرغبة في إكمال دراستي في جامعة الملك سعود وشغفي هو دراسة للغة الإنجليزية، وكان هناك إعلان فرصة للابتعاث خمس سنوات للدراسة في الخارج على وظائف مدنية في قطاعات الحرس وبعد وصولنا لمقر رئاسة الحرس وجدنا لوحة مكتوب عليها تم قطع الابتعاث لأمريكا وقد كان من حسن الحظ انه تم قبولي في جامعة الملك سعود، فدخلنا على مكتب عبدالعزيز التويجري وإذ بأحد الضباط في صالة الاستقبال وقال عندي لك شيء أفضل من الجامعة فقال لي قدم على مدرسة المرشحين بمدارس الحرس الوطني وتتخرج بعد سنة ونصف برتبة ملازم وبالفعل تم الحاقنا بهذه المدارس وتخرجنا منها.
* حدثنا عن أول عمل التحقت به بعد تخرجكم من مدارس الحرس؟
- بعد تخرجي من مدارس الحرس برتبة ملازم في عام 1401هـ تم تعييني في كتيبة الأسلحة الخاصة، وكنت قائد فصيل مشاه وكان من حسن حظي أن هذه الوحدة جديدة التشكيل من ضمن تطوير الحرس الوطني، وكان قائد هذه الوحدة في ذلك الوقت اللواء متعب بن عبدالله، وقد تم ترشيحي لدورة في اللغة الإنجليزية في الرياض بعد خدمة سنة ونصف، وحصلت على درجة عالية تؤهلني للابتعاث إلى أمريكا وهي أول دورة لي، تأسيسية في صيانة الأليات العسكرية والدروع وتخرجت ورجعت إلى وحدتي التي انتقلت إلى الأحساء، وكنت فيها قائد فصيل ثم مساعد قائد سرية للمشاة، ثم مساعد ركن عمليات ثم بعد ذلك صدرت الموافقة الكريمة على إسناد قيادة لواء الملك عبدالعزيز للحرس الوطني في الأحساء، وأصبحت هذه الكتيبة التي أعمل فيها أحد كتائب هذا اللواء وشكلت جميع الكتائب تحت هذا اللواء، انتقلت على مقر اللواء وتم ترشيحي ضابط العمليات في لواء الملك عبدالعزيز أثناء حرب الكويت وتم تحريك اللواء إلى الحدود السعودية الكويتية، وبعد انتهاء الحرب تم نقلنا إلى الوحدات كمدربين تكتيك أنا وبعض زملائي للعمل في الوحدات التي لم تشارك في الحرب، بناء على الخبرة والتجارب التي شاركت في حرب الخليج، وبعد أن تمت ترقيتي إلى رتبة مقدم تم تعييني قائد ضباط للطلبة ثم ضابط عمليات في نفس المدارس، وبقيت في هذه المدارس حتى رتبة عميد، بعد ذلك صدر قرار بتعييني مدير عام التدريب في وزارة الحرس الوطني وبقيت في هذا المنصب 11 عاما متواصلة وفي عام 1439هـ انتقلت قائدا لمدارس الحرس الوطني التي كنت فيها مدربا 17 عاما ثم عدت لها قائداً لهذه المدارس برتبة لواء ركن.
* حدثنا عن قصة مشاركتك في تحرير الخفجي؟
- هذه لها قصة، وحرب الخفجي مرتبطة بالأحداث التي حصلت في الكويت، وهي مرحلة من المراحل التي لن أنساها في حياتي، وكل من شارك فيها عندما أحتل العراق الكويت كانت صدمة للجميع ولم نكن نصدق أن العراق يقدم على مثل هذا العمل في حق دولة جارة وشقيقة، فكان أول وحدة تحركت هي لواء الملك عبدالعزيز للحرس الوطني للتمركز على الحدود السعودية الكويتية، وكانت مدرعتي التي أقودها شخصياً ضمن الكتيبة، حيث تم تكليفي من قبل قائد اللواء في ذلك الوقت العميد تركي الفغم فقد أمرني بتحريك هذا اللواء بعد استلام التوجيهات من قبل القيادة المشتركة السعودية في الدمام، وانتشرنا وزملائي على حدود المملكة وقد تجمعت جميع القوات التي وصلت إلى الحدود.
* هل كان هناك أي قوات معكم من دول التحالف في تحرير الخفجي؟
- أبداً كانت قوات الحرس الوطني العمود الفقري في تحرير الخفجي ويساندها في ذلك قواتنا السعودية المشتركة وكذلك تم الاستعانة بطائرات القوات البرية لتحرير الأماكن المرتفعة من عناصر عراقية تحصنت بها. ومن المفاجآت أنه كان هناك ناس يرفعون أعلام بيضاء على أطراف المدينة وبالفعل تم العثور على 30 عسكري عراقيا داخل مبنى لم يطلقوا طلقة واحدة وبأسلحتهم سلموا أنفسهم ولم يصيبوا بأي أذى، وقالوا نحن تحصنا في هذا المبنى لأننا عرفنا أن المعركة خاسرة وقد قدم لهم كل الرعاية والاهتمام هم وغيرهم ممن سلموا أنفسهم أو أصيبوا، وقالوا لنا نحن شاركنا في حرب العراق وإيران ولكننا لم نر مثل كثافة هذه النيران في حياتنا التي حصلت كانت مرعبة جدا بين الطرفين.
* ما هي قصة الجندي السعودي الذي دمر 12 دبابة عراقية في آن واحد؟
- هذا الجندي هو أحد منسوبي الحرس الوطني يدعى محمد المحرزي من أهالي جازان كان شجاعا بمعنى الكلمة، فقد ركب مدرعته وأصبح وجهاً لوجه مع القوات العراقية وعندما رأى القوات العراقية مزق سترته التي على صدره وأصابه شيء من الهيجان على لسان أحد زملائه الذي كان معه على الدبابة فقد دمر 12 دبابة عراقية دفعة واحدة ولقب بصائد الدبابات وقد تقاعد من الخدمة قبل 17 عاما برتبة رئيس رقباء وكرم من قبل رئيس الحرس الوطني في ذلك الوقت الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله- وتمت ترقيته إلى الرتبة التي تلي رتبته وهو حاليا حي يرزق.
* ماذا أعطاك الوطن؟
- أعطاني الوطن كل شيء منذ ولادتي وقبلي آبائي وأجدادي والوطن يرعانا وكل ما أنا فيه من نعمة هو من عطاء الوطن وقيادتي.
* ماذا أعطيت الوطن؟
- أعطيت الوطن الحب والوفاء والإخلاص ولن نوفيه حقه.
* من هو مثلك الأعلى في الحياة؟
- مثلي الأعلى في الحياة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
* من تشجع من الأندية؟
- أحب الأهلي.. وأشجع المنتخب وأكره ما يدور في المواقع بين مشجعي الأندية والتعصب الزائد، وأحب اللعب النظيف بعيداً عن الخشونة.
* كيف تنظر إلى اللحمة الوطنية؟
- نحن رزقنا الله بقيادة منذ أن تأسست المملكة تحبنا ونحبهم، ولدينا لحمة قوية في المملكة لا مثيل لها في العالم؛ لأن الدين واحد والعرق واحد والدم واحد، وأبناء شعب واحد واللحمة الوطنية ليست عبارات بل هي في القلوب ونشاهد كل يوم في تجمعاتنا تجتمع كل القبائل في مكان واحد، وفي مناسباتنا وحتى حكامنا معنا في احتفالاتنا.
* كيف تنظر إلى رؤية المملكة؟
- هذه الرؤية الصلبة والقوية نحسد عليها من قبل الأعداء وأصبحت في نظر الأصدقاء يتمارون بها ويمتدحونها وقد وفقنا الله وبتوجيهات قائدنا بالعمل بهذه الرؤية وتبناها واشرف عليها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رعاه الله وأصبح المواطن السعودي يعرف أين نتجه وأين نسير ونحن نفتخر بهذه الرؤية كمواطنين.
* كيف تنظر إلى مستوى التعاون العسكري بين دول المجلس؟
- الآن وسابقاً مجلس التعاون لحمة واحدة وأي خطر على أي دولة خطر على الجميع وقادة دول المجلس يلمسون ذلك وهناك تنسيق أمني متكامل في شتى المجالات وأصبحت دولنا تدرك ما يحيط بها فلدينا القوة لردع أي تهديد وعلينا أن نكثف هذا التعاون ومجلس التعاون ينسق ويخطط لعمل تمارين مشتركة لهذه الدول، ونحن اليوم نعتبر أننا بمثابة جيش واحد لحماية هذه الدول ومكتسباتها.
* أين تكمن متعة التقاعد؟
- أنك حر نفسك، وتتحرك في كل مكان تريده وتؤدي واجب الزيارات للأهل والأقارب، وتستشعر نعمة الله عليك، تذهب أينما تريد، حرية التواصل مع الناس.
* هل تؤيد خدمات ترفيهية داخل الأحياء؟
- نعم، وبقوة نحن في حاجة لها في حاجة إلى ممرات للمشاة والحدائق.
* كيف تنظر إلى السياحة داخل المملكة؟
- أصبحت مشجعة وأصبح هناك أماكن ترفيه ومناطق ذات جذب في عموم مناطق المملكة وهي لا زالت في بدايتها وأصبح هناك من يأتي على المملكة.
* برنامجي اليوم؟
- عندي مزرعة زرعت فيها من كل شيء أستمتع بما أزرع واشرف على ما تحتويه من أغنام وطيور وأمارس الرياضة.