أ.د.صالح معيض الغامدي
قرأت الكتيب الجميل الذي أصدرته المجلة العربية (مرفقا بالعدد 582، مارس 2025)، وكان بعنوان «في صحبة عبقري حالم: أيام مع العواد» للأديب والكاتب المرموق محمد علي قدس.
وقد أُلف هذا الكتيب على شكل فصول قصيرة تشبه المقالات يبلغ عددها 34 فصلا، كل فصل بعنوان مستقل يدل على موضوعه الرئيس إلى حد كبير. هذا بالإضافة إلى العتبات التي وضعت لهذا الكتيب وهي: (تقديم بقلم أ.د. عبدالمحسن القحطاني، وإشارة، وتنويه)، في بداية الكتيب، و (خاتمة، ورسالة إلى العواد، وحاشية مهمة، والهوامش والإحالات، وملحق بالوثائق والصور) في آخر الكتيب.
ويمكن النظر إلى هذا الكتيب بوصفه «سيرة غير-ذاتية»، أي أنها سيرة غيرية للعواد كتبت من منظور ذاتي لكاتبٍ شارك في كثير من أحداثها ووقائعها بطريقتين: الأولى سرد ما شاهده وعايشه وسمعه من العواد هو شخصيا، والثانية سرد ما اقتبسه حوله من شخصيات أخرى مثل ابنة العواد نجاة وغيرها، وإن كان المؤلف هو الذي يقرر في النهاية من يستدعي ومن لا يستدعي ممن كتب عن العواد أو أدلى برأي فيه.
وعلى الرغم من أهية هذا الكتيب العلمية والسيرية والتاريخية في مجال الأدب والفكر السعوديين، فإنه ربما جاء أقل بقليل من توقعاتنا العالية التي نربطها بأديب مرموق مثل الأستاذ قدس الذي عاش قريبا جدا من العواد ومن الساحة الأدبية والثقافية في عهده وما بعده، وبما وعد به الأستاذ قدس نفسه في هذا الكتاب، حينما قال: «سأتناول فقط الجانب الذي لا يعرفه إلا القليل ممن كان قريبا من الأستاذ العواد ولصيقا به». ولعل التردد الذي عبر عنه الكاتب في التنويه يفسر شيئا من ذلك، إذ يقول: إن الكتاب «لم يكن رصدا لأخطاء شخصيات أو كشف عيوب آخرين…. » ويورد موقف رد فعل الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار العنيف منه عندما نشر الحوار الذي دار بين العواد والأستاذ أحمد الحقيل حول ديوان شعر العطار. وهذا هو السبب الذي جعل الكاتب يقول:» أخطو خطوة وأتراجع خطوات في بداية الأمر حين بدأت في كتابة (أيام العواد) لأن كشف الحقائق تضيق به الصدور الذين يؤثرون أن تدفن مع الذين تبلى أجسامهم تحت التراب …»
وربما يشفع للأستاذ قدس أنه قد ألف كتابا مهما من قبل هذا عن العواد بعنوان «العواد رائد التجديد» عام 2007م، ولم يشأ أن يكرر ما أورده في هذا الكتاب إلا ما يضطر إليه اضطرارا، كما يقول. ولا ننسى في هذا المقام الإشادة بما قدمه الأستاذ قدس من مساعدة لكثير من الباحثين والباحثات الذين كتبوا عن العواد وأدبه، ومنهم أنا عندما كتبت في عام 2007م بحثا بعنوان « الرسالة في أدب العواد» ونشر في مجلة علامات آنذاك، ثم أعيد نشره في كتابي «كتابة الذات» لاحقا.
وختاما أقول إن هذا الكتيب يحتوي على معلومات موثقة ثمينة حول العواد وأدبه، ويتضمن كذلك تحليلا دقيقا لشخصية العواد الإنسانية والأدبية من أديب وباحث رافق هذه القامة الأدبية والفكرية السعودية المرموقة، متعلما وزميلا، مدة كافية من شأنها أن تضفي قدرا كبيرا من المصداقية والثقة على كل ما ورد في هذا الكتيب حول شخصية العواد الإنسانية والأدبية والفكرية.