محمد بن عبدالله آل شملان
بصمات منيرة في حقول الموروث والأصالة ومواقف وطنية ومجتمعية وإنسانية لافتة، طالما ظلت عنوان مسيرة وعطاءات، الراحل عبدالله بن فهاد الفصّام، أحد أبرز الوجهاء في قبيلة الدواسر، الذي ترجَّل، أخيراً، مختتماً بذلك مشواراً كبيراً حفل بالعطاءات الوطنية والاجتماعية الثرية. حيث قطع محطات الحياة الاجتماعية بكل تؤدة وصبر متواصل، فتدرج خلالها بمراتب الصيت والذيوع، حتى بات علماً في رأسه نار، وأصبح قامة قبلية في مجالات موروث الإبل، فقد عرفه الجميع بطلاً بمنافسات الإبل في مهرجان مزاين أم رقيبة لعقد من الزمن، عاشقاً للسلالات الطيبة وتحسين الإنتاج، وقبل ذلك إنساناً ورجلاً يساعد ملاك الإبل من ذوي الدخل المحدود وذلك بتوفير أدوية بيطرية وكذلك الأعلاف وفتح المشاريع الزراعية لعموم ملاك الثروة الحيوانية. رحل عبدالله الفصّام عن دنيانا وهو المحب لوطنه ولقيادته الرشيدة، وصاحب المواقف الرائعة، والوفي ولأهله ولكل أصدقائه والمحيطين به، تاركاً وراءه، سيرة عطرة، وإرثاً ثرياً بالمراجل، وصفاتاً ستدوم الأجيال ترتشف منها، وتترنم بمكنونها، من السداد عن المعسرين وبذل المال والجاه في إعتاق الرقاب وكفالة الأيتام ودعم المحتاجين. قامة فريدة سيرة الشيخ والنادر عبدالله الفصّام، الذي وافته المنية يوم الأربعاء اليوم الخامس من شهر رمضان المبارك، وإن من حسن الخاتمة أن توفاه الله في شهر رمضان الذي هو خير أشهر العام، وتمت الصلاة عليه عصر اليوم الذي يليه، بمحافظة الخرج، وسط حضور مهيب.
رحيل عبدالله بن فهاد الفصّام لم يكن هيِّناً على أبناء قبيلته أو أبناء القبائل الأخرى، وكذلك على أولئك الذي لازموه وارتبطوا معه، وعقدوا معه صداقات وعلاقات طال أمدها، لم يكن رحيله هيِّناً، حيث تعدّت رسائل نعيه حدود الوطن الجغرافية، لتشمل حدود الخليج، ووسائل التواصل الاجتماعي التي حفظت رسائلهم بمختلف أطيافهم ومذاهبهم وأجناسهم كلمات الثناء والشكر وذكر مناقبه وأعماله الطيبة والدعاء بالرحمة والمغفرة وجزيل الثواب له، رحمه الله تعالى.
بين مدن ومحافظات المملكة تنقل عبدالله الفصّام، إما زائراً، وإما مصلحاً، وإما سائلاً، وإما متفقداً، وانشغل بطموحاته وشغفه، وجميع ذلك هيّأ أرضية صلبة أهّلته لإنجاز مشروعات متعددة، من بينها « محمية عبدالله بن فهاد الفصّام «، الذي أضاء فيها على البيئة الجغرافية، والتنوع النباتي والحيواني، طارقاً فيها قضية البيئة والحياة الفطرية وأهمية الحفاظ عليها وحمايتها، ومن بينها أيضاً «متحف الفصام» الذي يبرز الجوانب التراثية وتاريخ الأجداد في إطار ثقافي معرفي، إلى غير ذلك من الأعمال الزراعية والتجارية الأخرى.
رحم الله عبدالله الفصّام، وغفر له، وأسكنه فسيح جناته، وألهمنا وذويه الصبر والسلوان، {إنّا لله وإنا إليه راجعون}.