عبدالله إبراهيم الكعيد
حتى وقت متأخر لم أك أعرف من الخرائط إلا ما درسناه في مادة الجغرافيا عن البلدان تضاريسها وحدودها، طقسها وعدد سكانها ناهيك عن رسم مكوّناتها الجغرافية وطبوغرافياً أرضها صمّاً.
ثم عرفت لاحقاً معاني مختلفة لمفردة (خريطة) غير تلك التي درستها. ففي جُل القواميس تُعرّف الخريطة على أنها تمثيل رسومي أو تخطيط لمنطقة معينة سواء كانت جغرافية مثل خريطة بلاد أو مدينة أو خريطة ذهنية وخريطة مفاهيمية لتنظيم الأفكار. ثم تعدد إطلاق مفردة خارطة على العديد من الأنشطة، فهنالك الخرائط المناخية تظهر أحوال الطقس وتوزيع السحب وهناك الخرائط السكانية توضح توزيع سكان بلد أو إقليم بجانب الخرائط الاقتصادية التي توضح مواقع الموارد الطبيعية كالنفط والمعادن هذا غير خرائط الملاحة البحرية والجوية والخرائط الفلكية والاجتماعية أو السياحية وغيرها.
إذا لا تقتصر الخرائط على توزيع القارات ومواقع البلدان فيها، بل اُبتكرت مفاهيم حديثة لها فتم استحداث ما يُسمى بـ(خارطة طريق) تتضمن خطّة أو إستراتيجية مرسومة دبلوماسياً للوصول إلى نقطة أو حل لتحقيق السلام في منطقة نزاع.
غالباً ما نسمع في نشرات الأخبار الخطوط العريضة لتلك الخرائط والخطوات المعلنة التي يُفترض تنفيذها وتبدأ عادة بالمفاوضات الأولية بين الأطراف قد تطول أو تقصر حسب تعقيد القضية وأوضح مثل لهذا التعقيد القضية الفلسطينية أو نزاع كشمير وما يُماثلها.
السؤال: من الذي يرسم في الغالب مثل تلك الخرائط أقصد (خرائط الطريق) التي يزعم راسموها سعيهم لطرح حلول تُرضي الأطراف وتُعيد الحقوق لأصحابها؟ أليس من نصّب نفسه شرطياً دولياً هو الذي قرَّر التصرف بشؤون العالم والتدخل لحل النزاعات وهو في حقيقة الأمر من أشعلها أو نفخ في رمادها ثم مهّد السبل للتدخل بشكل مباشر كوسيط وقاض ووكالة تنفيذ وجامع الغنائم وأخيراً (صاحب الدار).
حاولت أن أعيد قراءة بعض من خرائط الطريق تلك فوجدت أن بعضها ليست بريئة تماماً، إذ يجوز لي أن أطلق عليها مسمى خارطة طريق (ثعبانيّة) فهي ملتوية متعرجة لا تعرف رأسها من ذيلها قد رُسمت بكل خبث ومكر كي تلتبس مآلاتها على طرف من الأطراف وهو في معظم الأحيان صاحب الحق فيوافق عليها نتيجة الضغوط التي مارسها عليه الراسم الماكر.
صفوة القول أن القدماء في بلادنا يسمون الجراب أو الوعاء المصنوع من الجلد الذي يحوي الخردوات بالخريطة كما أنهم يقولون عن الكلام غير ذي القيمة بأنه (خرطي) فهل لهذا علاقة بخارطة الطريق؟