ناصر زيدان التميمي
العفو من أرقى الفضائل التي ترفع شأن الإنسان وتجعله في مقام النبل والمروءة فهو ليس ضعفًا أو استسلامًا بل هو قوة نفسية تدل على سعة الصدر وحسن الخلق وقدرة الإنسان على تجاوز الإساءة بروح متسامحة تحكمها الحكمة والرقي، فمن يعفُ عن الآخرين يملك قلبًا نقيًا لا تثقله الأحقاد ولا تأسره الضغائن.
العفو لا يعني التنازل عن الحقوق أو التغاضي عن الظلم بل هو موقف أخلاقي نابع من الإحسان والرحمة والقدرة على التحكم في الغضب، فهو يمحو الكراهية ويزرع المحبة ويمنح صاحبه راحة البال وسلامة القلب، وقد أثنى الله على العافين عن الناس فقال في كتابه الكريم «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين» فمن يملك فضيلة العفو يحبه الله ويكافئه بالرفعة والبركة والخير.
وقد أدرك الحكماء والشعراء مكانة العفو في حياة الإنسان فقال الإمام الشافعي: لما عفوت ولم أحقد على أحد أرحت نفسي من هم العداوات، وهنا تتجلى الحكمة العميقة؛ فالعفو لا ينفع الآخرين فحسب بل يعود أثره على صاحبه فيمنحه راحة داخلية ويجنبه هم الكراهية والانتقام فكم من شخص عاش مكبلًا بالحقد فلم يذق طعم الطمأنينة، بينما من يسامح يجد راحة القلب وسكينة النفس.
وفي حياتنا اليومية نحتاج إلى العفو في كل العلاقات، سواء في الأسرة أو بين الأصدقاء أو في العمل؛ فالتسامح يخفف التوتر ويعزز الروابط بين الناس ويخلق بيئة يسودها الاحترام والتقدير، فليس العاقل من يرد الإساءة بالإساءة بل من يسمو بأخلاقه ويترفع عن الصغائر مدركًا أن العفو دليل على القوة لا الضعف.
العفو صفة عظيمة تجعل الإنسان يعيش براحة نفسية بعيدًا عن الأحقاد والضغائن وهو سلوك نبيل يعكس نقاء القلب وقوة الشخصية، فكلما تمسكنا بالعفو والتسامح زادت سعادتنا وساد السلام في حياتنا.