عايض بن خالد المطيري
في خطوة استراتيجية نحو مستقبل مشرق ومستدام، أعلنت المملكة العربية السعودية عزمها استغلال ثرواتها الطبيعية في قطاع المعادن، وخصوصًا خام اليورانيوم، للوصول إلى المرحلة المعروفة بـ«الكعكة الصفراء».
هذا المشروع الوطني العملاق ليس فقط امتدادًا لخطط استخدام الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء، بل يحمل رؤية أوسع لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتطوير صناعة نووية متقدمة تسهم في تنويع مصادر الطاقة ضمن رؤية السعودية 2030.
«الكعكة الصفراء» أو اليورانيوم الخام المركز، تُعد مرحلة أساسية في دورة الوقود النووي، حيث يتم تحويلها لاحقًا إلى وقود يستخدم في المفاعلات النووية أو تخصيبها لاستخدامات أخرى سلمية.
وفي ظل ما تمتلكه السعودية من احتياطيات كبيرة من خام اليورانيوم المنتشرة في مناطق متعددة داخل أراضيها، تأتي هذه الخطوة لتعزز استقلاليتها في مجال الوقود النووي، وتقليل الاعتماد على الواردات الخارجية، مما يرفع من مكانة السعودية كقوة صناعية وتقنية مؤثرة عالميًا.
المشروع السعودي لتطوير الطاقة النووية السلمية يتضمن خططًا طموحة لبناء 16 مفاعلًا نوويًا بحلول عام 2030، لتلبية النمو المتوقع في استهلاك الطاقة على المستوى المحلي، ومن خلال هذه المفاعلات، تسعى المملكة لاستبدال محطات الطاقة المعتمدة على البترول بمحطات طاقة نووية صديقة للبيئة، مما يتيح تحرير النفط للتصدير والاستفادة منه كمورد اقتصادي أكبر.
الطاقة النووية لا تقتصر على توليد الكهرباء فقط، بل تُستخدم في العديد من التطبيقات الطبية والصناعية. فالمفاعلات النووية الصغيرة تُنتج نظائر مشعة تُستخدم في علاج الأمراض، وتحليل المواد، ومراقبة البيئة، مما يجعل المشروع النووي السعودي إضافة قيمة للمجالات البحثية والطبية، كما أن تطوير هذه التقنية يُمكن السعودية من الانضمام إلى الدول الرائدة في الصناعة النووية، حيث يوجد اليوم 435 مفاعلًا نوويًا للطاقة موزعة في 31 دولة حول العالم.
ما تقوم به الحكومة السعودية اليوم يُعتبر نقلة نوعية نحو تحقيق التقدم الصناعي والاكتفاء الذاتي في مختلف المجالات. القيادة السعودية، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تبذل جهودًا حثيثة لتحقيق رؤية طموحة تجعل من المملكة نموذجًا عالميًا في التنمية المستدامة والسلام الدولي.
ولا شك أن هذه الخطوات ليست مجرد استثمار في الطاقة، بل هي استثمار في مستقبل الوطن وأمنه وجودة حياة مواطنيه. السعودية، بلد الإسلام والسلام، تمضي بخطى واثقة نحو القمة، تقدم الخير لشعبها وللعالم، وتجسد قيم العطاء والتطوير من أجل حياة أفضل للجميع.