عبد الله سليمان الطليان
الصراع الروحي والمادي الذي يعيشه البشر هو في تفاعل مستمر، ولكنهما أخذا حيزاً كبيراً في وقتنا الحاضر، والميل نحو الاثر المادي الذي يكاد يقضي على القيم الروحية المتبقية لدى البشر، لقد تولد شراهة جارفة في البحث عن الثقافة المادية في كافة صورها التي تقدس الجسد، وتكاد تصل به إلى الحيوانية التي هو متميز عنها بعقله الذي هو الآن في انحدار خطير، مخطوف بوسائل إعلام متنوعة تجرفه وبقوة إلى تحقيق الماديات ونزع القيم الأخلاقية التي هي من أهم القيم الروحية باسم الحرية.
وما الذي حدث؟ الواقع يتحدث عن تفشي وتفاقم الأمراض النفسية والانتحار والسلوكيات المنحرفة، والتفكك الاجتماعي والجريمة والعنف الأسري، تعيشها المجتمعات التي أطلقت العنان لحرية الفرد الذي أخذت عقله إلى الالحاد و اللاأدرية مما زاد الأمر سوءا وأعمق في المعاناة، وهذه تكاد تكون مغيبة في الإعلام الغربي الذي يصب اهتمامه في أن يبقى الفرد أسيراً للثقافة المادية الاستهلاكية.
في مذكرة إلى رابطة الطب النفسي والتحليل النفسي الأمريكية APA تقول إن (الإيمان بالله) غير ضار بالصحة. بل إنه مفيد.
وجود المعنى والهدف يخدم الصحة النفسية، يقوى الشكيمة، ويخفّف من ضغوطات الحياة أن تعرف أن هناك خطة أكبر، وأن الأحداث ليست على ما تبدو عليه من عشوائية، وأنك مخلوق هام وأن سلوكياتك هامة.
يمكن أن يكون لذلك كله تأثير مهدئ وشاف. أن يكون لديك امتنان وأمل أن تسامح نفسك والآخرين، وأن تتواصل مع شيء أكبر منك من خلال الصلاة والشعائر المختلفة، هذا كله دواء عظيم، ربما حتى أفضل من دواء زولفت (Zoloft) علاج للاكتئاب.
وكتب واحد من باحثي المعهد القومي للصحة NIH في امريكا يقول: النتائج... كانت متجانسة في إشارتها إلى وجود علاقة مفيدة بين الانخراط الديني وبين الحالة الصحية... اتضحت هذه النتائج في دراسات تناولت عينات من الأشخاص الأكبر سناً، في منتصف العمر، والشباب من الرجال والنساء من أشخاص من الولايات المتحدة، أوروبا، وأفريقيا في دراسات أجريت في الثلاثينات وحتى التسعينات في دراسات حالة الدراسات الممتدة. والسكانية، والانتقائية بين البروتستانت، الكاثوليك، اليهود، المسلمين البوذيين البراثيسيين، والزولويين.
توضح الاستطلاعات بصورة منتظمة أن حوالي 95 % من الأمريكيين يؤمنون بالله حوالي 90 % يصلون لله على الأقل من وقت لآخر، وحوالي 60 % يواظبون على الذهاب إلى دور عبادة شهريا. 85 % يعتبرون الدين مهما للغاية، أو مهما لدرجة كبيرة في حياتهم، و80 % يؤمنون بأن الدين يقوى الحياة الأسرية للمعتقدات الدينية قدرة أكبر على التنبؤ بالسلوكيات مقارنة بالأصل العرقى، والتعليم، والحالة الاقتصادية المعتقدات الدينية وقائية ضد الانتحار، وضد تناول المخدرات، وضد السلوكيات الجنسية الخطرة.
في واقعنا، نحن المسلمين نعتبر التمسك بالدين وقيمه الروحية أساساً في سعادة المسلم. والتي إن شذ عنه فإنه في حياته قبل مماته يقع في الشقاء النفسي والعيش الكدر. يقول الله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (طـه: (124).
ويقول الله تعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} (الزخرف: 36).