عايض بن خالد المطيري
قضية تأجير المنازل والعلاقة التعاقدية بين المؤجر والمستأجر تعد من أبرز القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر بشكل كبير على حياة الأفراد والمجتمع. ورغم الجهود التي بذلتها وزارة البلديات والإسكان عبر إطلاق منصة «إيجار» التي تهدف إلى توثيق العقود وتنظيم العلاقة التعاقدية بين الطرفين، إلا أن الوضع لا يزال يعاني من اختلالات تؤثر في حقوق المستأجر بشكل كبير.
لا شك أن الممارسات الحالية التي يسمح بها النظام تضع المستأجر في وضع غير مستقر، حيث يملك المؤجر الحق في رفع قيمة الإيجار عند تجديد العقد دون أي ضوابط تحد من تلك الزيادات. في الواقع، لا توجد أي نسبة محددة لهذه الزيادات، وبالتالي يصبح المستأجر أمام خيارين فقط إما القبول بالزيادة التي قد تكون ضخمة أو البحث عن مسكن آخر، وهو ما يعرض الأسر لحالة من التشتت والانزعاج.
فمعروف أن الكثير من المستأجرين يجهزون المنزل بعد استئجاره بشكل كامل، مثل شراء الأثاث وتعديل بعض الأماكن، ليكتشفوا في نهاية العام أن الإيجار قد ارتفع بشكل غير معقول، ما يعرضهم لخسائر مادية كبيرة. هذا التصرف من قبل بعض الملاك يعد استغلالا واضحا للظروف الاقتصادية للمستأجرين، ويؤثر بشكل بالغ على حياتهم واستقرارهم.
غياب الضوابط الواضحة في هذا المجال يخلق عديدا من المشكلات. من أبرزها الإضرار بالاستقرار الأسري، حيث إن زيادة الإيجارات تجعل العائلات في حالة من القلق المستمر حول إمكانية تحمل هذه الزيادات الطردية، مما يدفعهم إلى الانتقال بشكل دوري من منزل لآخر. كما أن الضغوط المالية الناجمة عن تلك الزيادات تؤثر سلبا على نوعية الحياة بشكل عام. إضافة إلى ذلك فإن استغلال حاجة المستأجر للسكن لا يعد تصرفا عادلا أو منطقيا حيث يفرض عليه القبول بما يعرض عليه دون وجود خيارات أخرى.
ولمعالجة هذه القضية، من الضروري فرض حلول تنظيمية أكثر وضوحا وعدالة. يجب أن يتم تحديد فترة زمنية لا يمكن فيها رفع الإيجار، مثل تحديد أن الزيادة لا تكون إلا بعد مرور ثلاثة أعوام من توقيع العقد. كما يجب تحديد نسب معقولة للزيادة في كل مرة، مثل ألا تتجاوز الزيادة 5 % من الإيجار السنوي. لا شك أن هذا التنظيم سيسهم في توفير استقرار أكبر للمستأجرين ويسهم في الحد من جشع بعض الملاك في رفع الإيجارات بشكل غير مبرر.
لذا ينبغي لمنصة «إيجار» تعزيز دورها في تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر من خلال تقديم خدمات أكثر تطورا، مثل توفير آلية تتيح للمؤجر إشعار المستأجر مسبقا بأي زيادة في الإيجار مع توضيح الأسباب، مما يعزز الشفافية ويساعد المستأجر في التخطيط واتخاذ القرارات المناسبة. كما أن تحقيق التوازن بين حقوق الطرفين عبر تشريعات عادلة يضمن العدالة الاجتماعية ويحافظ على استقرار السوق العقاري. لذلك، من الضروري استمرار تطوير منظومة التأجير لحماية جميع الأطراف ومنع أي ممارسات قد تؤثر سلبا على الأفراد والمجتمع.