د.حسن مشهور
لا شيء يعدل حب الوطن، يقيني ويقين الجميع بأن هذه العبارة هي حقيقةً مسلّم بها، فنحن في المملكة العربية السعودية قد تأصل في قلوبنا وجرى في دمنا حب هذه البلاد الكريمة التي نفخر بها ونفاخر دومًا بما حققناه فيها من إنجازات وطنية على كافة الأصعدة في فترة زمنية قصيرة من عمر التاريخ.
وكيف لنا ألا نفخر ببلاد قد حوت قبلة المسلمين في أصقاع المعمورة قاطبة، بحيث تتحول فيها وجوههم وتسجد جباههم خمس مرات خلال اليوم الواحد صوب الكعبة المشرفة التي كرمنا الله عز وجل في أن تكون على أرضنا وأن نقوم على خدمتها ليل نهار. هذا إلى جانب احتواء وطننا على مدينة هجرة رسول الأمة، المدينة المنورة التي تحوي المسجد النبوي الشريف وقبر أطهر الخلق جميعًا نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
إن وطناً بهذه المكانة الروحية، وبمكانة دولية على الصعيدين الاقتصادي و السياسي قد حققها حكام وطننا الكريم انطلاقًا من الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله وطيب ثراه، وصولًا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله ورعاهما، لهو وطن يحق علينا أن نحتفي به في ذكرى تأسيسه الذي يحل في الثاني والعشرين من شهر فبراير من كل عام، وأن نعبر عن هذا الحب المشروع الذي نكنه لوطننا وشعبنا وحكامنا الميامين، وأن نفخر بمنجزنا الوطني بكافة الطرق والسبل وعلى جميع المجالات والصعد.
ومن ذلك الأدب بكافة أنواعه وتشكيلاته، ويأتي على رأس ذلك الشعر الذي إن كان يوصف من قبل النقاد بأنه ديوان العرب، فنحن أبناء المملكة العربية السعودية من نعد أنفسنا فرسانه ومن يحمل لواءه، ونتقن مختلف صنوفه وأشكال تعبيراته. فهاهم أدباؤنا السعوديون الذين قد برعوا في مختلف أنواع التعبير الأدبي، وعلى رأسهم الشعراء يبرزون حبهم لمملكتهم العربية السعودية وفخرهم بمنجزها النوعي في كافة المجالات في قوالب أدبية أخاذة، من ذلك الصديق، والشاعر المبدع إبراهيم مفتاح الذي يعبر في قصيدة جميلة عن تلك العلائقية الحبية التي يحملها كل مواطن سعودي لوطنه السعودي الكريم بالقول شعرًا:
هذي المفاتن في عينيك تأتلق
وفي لحظاك هذا السحر والألق
وفي ثراك من التاريخ أوسمة
تلملم الشَّمس أعراساً وتنطلق
فأنت ياموطني ماضٍ يعانقه
زهو البطولات والاشراف والعبق
وأنت في حاضر تكسوه أجنحة
علوها من بياض الصبح ينبثق
فأنت في مهجتي نبض وفي قلبي حرف
وفي كل عام يزهر الورق
إن مجمل هذه الصور الشعرية التي تتضوع عطرًا وتنبض بالحياة بحب مملكتنا العربية السعودية وتعبر عن جمالها الأخاذ وروعتها الوجودية بين مختلف الجغرافيات العربية والدولية الأخرى، والذي يؤكد الشاعر على أنه حبٌ وعشقٌ نوعي متأصل في وجداننا الوطني يورق في قلب كل سعودي في كل عام في ذكرى تأسيس مملكتنا العربية السعودية المجيدة.
إن هذا العشق الوطني في صورته الحوْلية وقالبه الوجداني الأخاذ التي يفخر بها الشاعر ونفخر بها كسعوديين، يتعالق مع صورة شعرية أخرى تعبر عن تلك المكانة الدينية والروحية التي يحتلها وطننا السعودي في قلب كل مسلم في أصقاع المعمورة، وعن ذلك الثقل الجغرافي والقدسية المكانية لمملكتنا العربية السعودية التي تحوي أعظم المقدسات الإسلامية، وهي صورة بهية وجميلة قد خطها في قالب شعري أخاذ شاعرنا الرائع حمود الغانم الذي يورد في قصيدته الإجابة الكافية والشافية لكل من يريد أن يعرف أكثر عن وطننا، وعن بواعث هذه المكانة السامقة التي يحتلها وطننا بين مختلف دول العالم وذلك بقوله:
يا سائلًا عن موطني وبلادي
ومفتـشاً عن موطن الأجداد
وطني به البيت الحرام وطيبة
وبه رسول الحق خير منادي
وطني به الشـرع المطهر حاكم
بالحق ينهي ثورة الأحقاد
وطني عزيز فيه كل محبة
تعلو وتـسمو فوق كل سواد
وطني يسير الخير في أرجائه
ويعم رغم براثن الحساد
إن المملكة العربية السعودية التي كانت مهبط الرسالة الإسلامية العظيمة على نبيها أفضل الصلاة وأتم التسليم، وهي الرسالة الإسلامية العظيمة التي نشرها أجدادنا الأُوَلْ في صدر الإسلام في مختلف أرجاء المعمورة، وكرست قيمه الدينية العظيمة القائمة على المحبة والتسامح في نفوس شعوب العالم، والتي لانزال قيادة ً وشعبًا كسعوديين حريصين عليها وعلى تكريسها في قلوب شعوب العالم قاطبةً، قد تشارك الشعر النبطي السعودي مع الشعر الفصيح في التعبير عنها وعن الفخر بالوطن وبأمجاده السامقة التي حققها، وبمنجزه الذي لايزال يحققه في وقتنا الراهن. ومقدمًا الإجابة الشافية الكافية لسؤال يتداوله العديد من شعوب العالم، ألا وهو، ماهو حب الوطن؟
إذ عن ذلك السؤال الذي لانعده كسعوديين سؤال جدلي، جراء امتلاكنا مفاتيح الإجابة عنه، يعبر الأمير الشاعر خالد الفيصل عن المعنى الحقيقي لحب الوطن في صور ة وطنية متشحة بالجمال والبهاء في ذكرى تأسيس مملكتنا العربية السعودية بهذه المعاني الأخاذة الشجية:
لا والذي فضل على الخلق الإنسان
وفضل على الإنسان أحمد نبيه
ما قد حوت هالأرض رحمة وإيمان
كثرك ولا روح ونفس أبيه
أرض معالمها حديث وقرآن
ما هي سراب ولا ظما مهمهيه
يا سائلا عما تمثله الاوطان
وليه الوطن حقه كبير عليه
ترا الوطن ماهوب ربع وجيران
ولا هو عناوينك ولا هو الهوية
هذا الذي له موضع بين الاجفان
والقلب مشكاة المصابيح ضيه
فلنفخر ولنسعد في ذكرى تأسيس مملكتنا العربية السعودية بما حققناه كسعوديين قيادة وشعبًا وبما لازلنا نحققه لهذا الوطن العظيم، ولنجعل من ذكرى التأسيس البهية العالية الراقية المجيدة منطلقًا للمزيد من الإنجاز والتميز الوطني على كافة الأصعدة والمجالات المتعددة. وكل عام وقيادتنا السعودية الكريمة، ووطننا المملكة العربية السعودية، وشعبنا السعودي الأشم في أبهى وأجلَّ حلة وأرقى مقام.