د. منى بنت علي الحمود
«الحب.. هو عثرة أنيقة في طريق مستوية». نداء مربكا تحمله هذه العبارة.. يشير إلى قدرية الحب وانعدام الإرادة الحرة في حدوثه إلا أنها تشير أيضا إلى إرادة القوة في فن الحب المتسق، والعاطفة الإنسانية التي تحمل على الاتزان والمسؤولية العَفّة.
يُطوّقَ فبراير عالميا بالحب، كما تطوق حمامة بعقدها، وعنه يقال بارتباط يوم 14 فبراير بأسطورة القديس «فالنتين»، والذي ليس هناك حكاية حقيقية ثابتة عنه حتى يومنا هذا. وبالرغم من اختلاف الثقافات والموروثات إلا أن ما نتفق عليه جميعا كبشر هو أهمية قيمة الحب والحاجة الضرورية لها في حياتنا الإنسانية. يتهادى الكثيرون عبارات وورود الحب، بل ويعتبر الحب هو هدية بذاته؛ إعلانا منهم عن رغبتهم الإنسانية في ديمومة الحب والأمل والحياة..
يغذي الحب فينا أشياء كثيرة قد لا يعرف وصفها إلا من عاشها، فهو كما قال عنه ابن حزم الأندلسي: «دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف، فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة».. منتهيا إلى قوله: «وليس بمنكر في الديانة ولا بمحظور في الشريعة، إذ القلوب بيد الله عز وجل».. الحب كما قيل عنه هو لقاء قبل اللقاء وهو ارتقاء إلى الخير والجمال والكمال إلى حدهما المطلق الثابت الذي لا يمسه نقص أو فساد أبدا.
تفاعلا مع هذه الأحداث الدولية قدمت أكاديمية # فنسفة الثقافية برنامجا ثريا ولمدة أربعة أيام تناولت فيه قيمة الحب وفلسفته، وحضوره في أدب الرسائل وعن رسائل الأدباء في الحب، وبرهن المتحدثون عن ذلك بقراءاتهم النقدية لنماذج من الأدب العالمي القديم والحديث بنظرة ومنطلقات فلسفية، وتم تداول كتاب «طوق الحمامة» كنموذج يعد من أجمل الإرث الأدبي التراثي، الذي قدم بمنهجية رصينة عن قيمة أشغلت الإنسان في مختلف الأماكن والعصور ألا وهي الحب.
ولم يغب الشعر عنا فهو وعاء أخبار الشعوب وحضاراتهم، منذ «قلقامش» و»الإلياذة» فهناك علاقة عميقة بين الفلسفة والشعر على وجه الخصوص، ولدينا رصيد من أسماء العديد من الشعراء الفلاسفة والفلاسفة الشعراء في العالم، يتقدمهم «أفلاطون».
غير أن الفلسفة والشعر في إطار قيمة الحب لها إيقاع آخر، حيث يُسّيرُ الشاعر الفيلسوف أبياته متماهيا مع الفلسفة، ويعانق الفيلسوف الشاعر عنق الحرف والمعنى ويفتح الحب ذراعيه لهذا وذاك!
ولا تخلو القصة من تناغمات الحب، ولكن ماذا عسى لو نسجت بأنامل البراءة، فانتشينا في لحظة ولادة الحب من القلب إلى السطور بعفوية طفولية، ولم تكف مشاعرنا بتدفقها إلى بعد أن حطت آمنة برسم مشاعرنا الملونة.. محطات من الحب وإليه لن نتوقف عندها طويلا، حيث ستحملنا رغبة السعادة بالحب بديمومته ونشوته إلى محطات متجددة ومفارق طرق ملهمة به.
** **
- مؤسِسة ومديرة أكاديمية فنسفة الثقافية للتدريب