العقيد م. محمد بن فراج الشهري
من المؤكد أن الرئيس الأمريكي ترمب يعيش أحلاماً مهووسة ومتعوسة في نفس الوقت، فلا أحد على وجه الأرض من دول العالم إسلامية أو غير إسلامية يقر بأن هذه الأحلام قابلة للتحقيق، وأن كل ما أتى به ما هو إلا أحلام يرددها ويصر على ترديدها ليأمل أن تتحول إلى حقيقة على الواقع، وهذا لن يحدث، ولقد خُدع العالم العربي والإسلامي قبل فوز ترمب في الانتخابات حيث أبدى مشاعر لا بأس بها حول القضية الفلسطينية، وأمور الشرق الأوسط، ولقد كانت لكسب الأصوات والتأييد ليس إلا حسب ما ظهر لنا بعد أن أصبح رئيساً فقد نطح برأسه كل آمال السلام، وأعطى إسرائيل أكثر مما أعطيت سابقاً بل وأصبح هو من يدافع عن إسرائيل أكثر من إسرائيل نفسها، أما تصريحاته حول غزّة فكانت مضحكة ومخجلة حسب ما قاله الرئيس الألماني وكل العالم، يريد أن يقيم (ريفيرا) ترمبية في غزة، وتطهيرها من أصحابها والذين يعود جدارهم فيها إلى أكثر من أربعة آلاف عام ويستقبل صديقه المنحوس الآخر بنيامين نتنياهو الذي سمّى غزة (بالخربة) تنتظر من يبنى فيها مشروعاً سياحياً متكاملاً، ولكن بعد إخراج الغزاويين وطردهم خارجها وإقامة (ريفييرا) ترمبية ترضي أذواق الزباين الجدد ..
وإذا أردنا أن نعود لصاحب هذه الفكرة الحمقاء الذي نسي الجميع من هو؟ إذ إن أول من تقدم بهذا الاقتراح كان صهر ترمب جاريد كوشنر، كان ذلك في جامعة هارفارد، يوم شحّذ عبقريته العقارية الخلاقة وقال إن غزّة تملك واحدة من أجمل الواجهات البحرية في العالم، وبدل الالتهاء بالسياسات العابرة، يمكن إقامة مشروع سياحي هائل، وكان يبدو أن الفكرة راقت للسيد ترمب في ذلك الوقت، فعمل على تطويرها لأنه رجل عقارات وفهمه في السياسة لا يتعدى الفرق بين إصبعيه، وكل ما قام به ترمب هذه الأيام ما هي إلا هرطقة متطرفة، تساند إسرائيل وتسرع لقضم الأراضي الفلسطينية وعدم استيعاب ما تعنيه الأرض لشعب فلسطين الذين فقدوا حتى الآن أكثر من (50) ألف قتيل بعض منهم لا يزال تحت الأنقاض ترفض إسرائيل إخراجهم، أو البحث عنهم والمفترض من ترمب بعد تسلمه الرئاسة البحث عن وسيلة مفهومة ومقبولة لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن لحل القضية الفلسطينية وليست محاولة نسفها من الوجود لإرضاء إسرائيل ومخالفة كل القوانين والأعراف الدولية، والإنسانية وانتهاج أسلوب عدائي للعرب والمسلمين ومحاولة طمس القضية بأحلام وألاعيب لا تنبى عن مستقبل يحل فيه السلام بل على العكس تماماً، ولن تنجح سياسة ترمب التي يحاول فرضها بل سيكسب المزيد من كره العالم وعداوة أمريكا، أما ما صرح به «رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو» بشأن تهجير الفلسطينيين و»إقامة دولة فلسطينية على الأراضي السعودية» فهذه هرطقة وبرطقة وكلام لا يدخل من باب ولا من شباك، وليس له مجال للعبور في الهواء وتلك تصريحات منفلتة، ومستفزة، وغير مستساغة ولا مقبولة رفضت وقوبلت بالاستهجان الشديد من كل الدول المحبة للعدل والسلام، وقد ثمنت المملكة العربية السعودية ما أعلنته الدول الشقيقة، والمنظمات العربية والإسلامية من شجب واستهجان، ورفض تام لتلك التصريحات المجنونة بشأن تهجير العشب الفلسطيني من أرضه كما ثمنت هذه المواقف التي تؤكد على مركزية القضية الفلسطينية التي تؤكد على مركزية القضية الفلسطينية لدى الدول العربية والإسلامية، وأكدت المملكة رفضها القاطع والمستهجن لمثل هذه التصريحات التي تستهدف صرف النظر عن الجرائم المتتالية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي تجاه الأشقاء الفلسطينيين في غزّة، بما في ذلك ما يتعرضون له من تطهير عرقي، وأشارت المملكة أن هذه العقلية المتطرفة المحتلة لا تستوعب ما تعنيه اأرض الفلسطينية لشعب فلسطين الشقيق، وارتباطه الوجداني، والتاريخي، والقانوني لهذه الأرض، وليسو مهاجرين أو دخلاء إليها يمكن طردهم متى شاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم..
وقد أكدت المملكة مرات ومرات لكل العالم ولكل السابحين في الماء العكر أن حق الشعب الفلسطيني الشقيق سيبقى راسخاً ولن يستطيع أحد سلبه منه مهما طال الزمن، وإن السلام لن يتحقق إلا بالعودة إلى منطق العقل، والقبول بمبدأ التعايش السلمي من خلال حل الدولتين، ومهما حاولت إسرائيل الإفلات من القانون والأعراف الدولية.. وقد حان الوقت لتقول الدول العربية والإسلامية كلمتها دون العودة إلى الشجب والتنديد يجب أن يكون هناك قرارات رادعة لهذه المهزلة التي تراود أفكار ترمب، ونتنياهو وأن يشدّوا من عزم الأردن ومصر ويقولون كلمتهم صفاً واحداً في وجه هذه المهزلة السياسة وهذا الاختبار الحقيقي للدول العربية والإسلامية، فإما نجاح و صمود أو فشل وخنوع، لذلك لابد من وقفة صارخة تلغي كل خروج عن النص هذا إذا ما أردنا أن نكون وإلا فلن نكون ..