عايض بن خالد المطيري
في يوم التأسيس نستحضر ملحمة تأسيس المملكة العربية السعودية، التي لم تكن مجرد رسم حدود، بل قصة كفاح وإرادة صلبة وحبا متطرفا للوطن. قبل ثلاثة قرون أسس الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - دولة قامت على العدل والتوحيد، واستمر أبناؤه وأحفاده في البناء حتى أتم الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - توحيدها تحت راية واحدة. هذا الإرث العظيم لا يُحفظ إلا بولاء مطلق وعمل دؤوب وتضحية لا تعرف التردد.
السعودية اليوم ليست مجرد وطن، بل هوية وانتماء وملاذ آمن. حبها ليس خيارًا بل واجب، والتفاني في خدمتها شرف لا يدانيه شرف، كيف يمكن أن يكون الإنسان محايدًا عندما يتعلق الأمر بوطنه؟ الوطن عطاء بلا مقابل، وفداء بلا حدود، وعمل مستمر لنراه في أعلى القمم.
منذ تأسيسها تسير هذه البلاد بثبات نحو العزة والكرامة، مستندة إلى كتاب الله وسنة نبيه، وحاضنة للحرمين الشريفين، ومركز إشعاع إسلامي وثقافي واقتصادي للعالم. هذا الإرث العظيم يفرض علينا مسؤولية كبرى للدفاع عن أمن الوطن واستقراره، وحمايته من كل تهديد، ظاهرًا كان أو خفيًا، فالمواطن الحقيقي هو جندي في كل موقع، بسلاحه إن كان في الميدان، وبعمله إن كان في وظيفته، وبإخلاصه في كل دور يؤديه.
نعلم جميعاً أن الأمن والاستقرار هما الركيزتان الأساسيتان لازدهار الأوطان، والسعودية نموذج عالمي في الأمان -بفضل الله- ثم بفضل القيادة الرشيدة وجهود قواتنا الأمنية والعسكرية. من واجب كل مواطن أن يكون درعًا حصينًا لوطنه، فلا يسمح لأحد أن يعبث بأمنه، ولا يكون متفرجًا على تهديد استقراره. الأمن الذي ننعم به اليوم لم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة تضحيات عظيمة قدمها المخلصون من رجاله الأوفياء، ومسؤولية كل فرد في المجتمع للحفاظ عليه وتعزيزه.
وكما أن حب الوطن يعني الدفاع عنه، فإنه يعني أيضًا الحفاظ على مقدراته وثرواته، وعدم السماح لأي يد عابثة بامتدادها إليه. السعودية ليست فقط قلب العالم الإسلامي، بل قوة اقتصادية كبرى وموطن لثروات عظيمة، والحفاظ على هذه المقدرات مسؤولية الجميع، فلا مجال للإهمال أو الفساد. حب الوطن التزام حقيقي يظهر في سلوكنا اليومي، في إخلاصنا بالعمل، وحرصنا على المصلحة العامة، ورفضنا لكل ما يهدد استقراره أو يعيق نهضته.
وطاعة ولاة الأمر جزء لا يتجزأ من حب الوطن، فهم قادة هذه المسيرة، يحملون هم الأمة ويسهرون على أمنها ورخائها، والالتفاف حول القيادة الرشيدة، ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله -، ليس مجرد التزام سياسي، بل هو واجب ديني ووطني. هذه القيادة التي وضعت رؤية طموحة للمستقبل تستحق أن نكون صفًا واحدًا خلفها، نعمل بإخلاص ونساهم في تحقيق تطلعات هذا الوطن العظيم.
لذا فإن يوم التأسيس ليس مجرد ذكرى، بل عهد يتجدد بأن السعودية قامت على الإيمان والعمل والتضحية، وأن الحفاظ عليها واجب كل فرد، ليس في حب الوطن اعتدال، بل هو انتماء متطرف حتى النخاع، تفانٍ حتى آخر رمق، أن تكون سعوديًا يعني أن تكون عاشقًا لهذه الأرض، مستعدًا لحمايته بروحك ودمك، واضعًا إياها في قلبك، عاملاً لأجلها في كل لحظة من حياتك. السعودية ليست مجرد وطن، بل قصة مجد نعيشها ونحكيها، وملحمة عز نحن أبطالها. في حبها لا نريد أن نكون محايدين، بل نريد أن نكون متطرفين حتى الموت!