إيمان الدبيّان
الفكر بوصلة الإنسان، وبوابته إلى دروب الأمان أو إلى مستنقعات الهوان، به نرقى وبصلاحه نهنأ ولا نشقى؛ لذا أرى أن الأمن الفكري أساس كل أمن، ومهم أن يكون الفكر جوهرة طاهرة في محراب الحياة، لا يمسها متسلق ولا متملق، خاصة ونحن نعيش في زمن أصبح التواصل والتفاعل فيه سهلاً وسريعاً مباشراً وغير مباشر عبر قنوات وطرق مختلفة.
الأمن الفكري متى ما رفعنا مستوى حمايته أصبح من الصعب وربما من المستحيل كسر حصانته، وأول وأهم خط من خطوط الحصانة هو الانتباه والتركيز والملاحظة، وعدم تسليم فكرنا وعقلنا لأي جهة أو فرد مع ضرورة التقصي والتحقق من الأفراد والجهات وفي كل التعاملات.
فكر الإنسان لا يحتاج إلى حماية فقط وإنما إلى تطوير وتنوير أيضاً وهذا التطوير نراه على مستوى الأفراد والمؤسسات، وهنا مكمن من مكامن منافذ الاختراق والجذب إلى منظمة أو جماعة أو فكر مناهضين للمبادئ والقيم والتوجهات الدينية والوطنية من خلال فكرة تطرح أو عبارة لم تنقح، وأحياناً دعوة إلى تيارات تجعلنا نسبح في دوامة عاصفة.
كثرت وانتشرت اليوم دورات التدريب العملية والنظرية، المحلية والخارجية، المدفوعة والمجانية والمهمة وغير الضرورية؛ ولكن يبقى سؤال في الأفق يلوح هل هناك رقابة على كل محتوى مطروح؟! أم أن العنوان يكفي والمضمون للمدرب وكيفما يريد يلقي؟!
أثق بمعاهد التدريب وبالمدربين وبحقائبهم التدريبية؛ ولكن ربما لا يكون ذلك المدرب المناسب للمكان المناسب، أو ربما لا تكون تلك الدورة متوافقة مع الجهة أو الفرد المحددين.
من يُستقطب لإلقاء محاضرة، أو إقامة دورة أرى من وجهة نظري المتواضعة أنه من المهم والضروري بالإضافة إلى شهادته التدريبية مراجعة محاضراته ودوراته القبلية، واعتماد وتدقيق مادته الحالية.
الإنسان بطبيعته وفطرته يحتاج إلى التواصل والتفاعل مع من يقابل ومع من يتعامل؛ ولكن مهم أن تكون الفطنة حاضرة في تواصله والاختيار الصحيح موجود في تعامله، فلا يتواصل مع حسابات مجهولة ولا أسماء في المواقع الاجتماعية غير معروفة.
الحماية من التطرفات الفكرية المختلفة مطلب منا وواجب علينا تجاه أنفسنا وأسرنا وشبابنا وأبنائنا وعمالنا ومعارفنا في بيوتنا ومدارسنا وأماكن عملنا، حماية لنا ولوطننا وقادتنا وهي أساس وحدتنا وولائنا.
فكرنا أمانة وحمايته غاية.