رقية سليمان الهويريني
ترتفع الشكوى حول غلاء المواد الغذائية، ومقارنتها بأسعار سابقة، وهذا الغلاء عالميا بسبب الزيادة المطردة بأعداد السكان وتضاعف أعدادهم مقارنة بعقود سابقة، وهو السبب الرئيس بارتفاع كافة الأسعار سواء السكن أو السيارات أو المواد الغذائية وحتى الكماليات.
ومع صعوبة المقارنة من حيث الأهمية بين الغذاء والأمن كونهما متلازمين لحياة البشرية ومن مقومات استقرارها؛ إلا أن الأمن يسبق الغذاء والثمرات بمراحل، وهو غير مشروط بالإيمان مصداقاً لقوله تعالى:
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (126) سورة البقرة.
وأمن الوطن نوعان خارجي يدفع بالعتاد والقوات العسكرية، وداخلي يجلب بإقامة العدل بين الناس؛ فهو حينئذ عظيم والمحافظة عليه أعظم.
ولعل الجيل الحالي في مملكتنا الآمنة يجهل أهمية الأمن في حياة الناس واستقرارهم لأنه لم يشعر بالمعاناة ولله الحمد من ويلات الحروب وفواجع الغزو، لذا فهو لا يُلقي بالا لهذه النعمة العظيمة وقد يستهتر بها ولا يقيم لها وزناً!
والحقيقة أنه لولا نعمة الأمن -من فضل الله- لما استمتعنا بالخيرات والثمرات، ولما وصلت السفن المحملة بجميع أصناف المأكولات والمشروبات من كل حدب وصوب إلى موانئنا المائية والجافة!
ويخطئ من يعتقد أن مسؤولية الأمن وإرساءه منوطة بالحكومة فحسب، والواقع أنها مسؤولية مشتركة بينها وبين المواطنين، ولا يمكن أن تنفرد الحكومة لوحدها دون وقوف الشعب ومساندتهم بالتبليغ عن أي شخص أو مجموعة قد تخل بالأمن أو تعبث به، كما لا تلام الحكومة من نهج الصرامة ووقف أشكال الفوضى الفكرية وتسييس الدين وإثارة البلبلة.
وقد وعد الله المؤمنين في بلاد الحرمين الشريفين بالأمن، وصور لنا حالة الخوف في دول حولها ومتاخمة لها حيث يقول عز وجل:
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ} (67) سورة العنكبوت.
فاللهم لك الحمد على نعمة الأمن والاستقرار وطيب العيش.