أصبح للمملكة العربية السعودية - في السنوات الأخيرة - دورٌ مهمٌ في الاقتصاد الدولي - خاصة الاقتصاد الرياضي الدولي -،حيث استحوذت استثمارات المملكة في المجال الرياضي على اهتمام العالم، كما أتاح التعاون مع الكيانات الرياضية ذات الخبرة واستضافة الأحداث والبطولات الرياضية الكبرى أبرزها كأس العالم 2034م؛ الفرصة للتعريف بالثقافة والتقاليد السعودية، حينئذٍ برزت أهمية دور التحكيم في فض المنازعات المتعلقة بالمجال الرياضي في المملكة؛ ولذا شهدت المملكة في الفترة الأخيرة تزايداً في اتفاقات التحكيم المدرجة في العقود الرياضية.
ويقصد باتفاق التحكيم -بوجه عام - أنه اتفاق بموجبه يتفق طرفان أو أكثر، على أن يكون التحكيم - وهو نظام تقاضي بديل - هو المختص بنظر المنازعات التي نشأت أو قد تنشأ مستقبلاً بينهم، وهذا ينطبق على اتفاق التحكيم في عقود الاستثمار الرياضي.
ولاتفاقات التحكيم في المجال الرياضي تطبيقات عدة، منها -على سبيل المثال : أنه عندما يشتري ناد رياضي في المملكة العربية السعودية لاعب كرة قدم دوليا -غالباً - يلزم كتابة شرط في العقد المبرم بينهما، على أن يتم إحالة أي نزاع بينهما إلى التحكيم بدلاً من القضاء.
تتعدد مزايا التحكيم في المجال الرياضي، ومن أهمها سرعة الفصل في المنازعات، المرونة في إجراءات التحكيم، المحكمون المتخصصون في المجال الرياضي، التوافق مع اللوائح الرياضية الدولية.
يُعدُّ مركز التحكيم الرياضي السعودي الجهة الوحيدة المنوط بها الفصل في المنازعات الرياضية في المملكة، وهو جهة مستقلة ومحايدة، يتمتع فيها المركز بالاستقلال المالي والإداري، وترتبط منظومته بمحكمة التحكيم الرياضية الدولية (كاس)، والمقر الرئيس للمركز هو مدينة الرياض، وللمركز إنشاء فروع دائمة أو مؤقتة داخل المملكة، إلا أنه يمكن - على أية حال - لهيئة التحكيم في المركز أن تباشر إجراءات التحكيم باستخدام الوسائل الإلكترونية، سواء في مقر المركز أم خارجه.
ويقدم المركز ثلاث خدمات رئيسة، الوساطة، التحكيم، التدريب والتأهيل، وقد شهدت المملكة - مؤخراً- إصدار أحكام تحكيم تفرض عقوبات رياضية، مثل الوقف والغرامات بحق لاعبين لكرة القدم وأندية رياضية، وفقاً للوائح الفيفا بشأن أوضاع اللاعبين وانتقالهم لعام 2022م، والتي تبنتها لوائح الاتحاد السعودي لكرة القدم، الأمر الذي يعكس تطوراً ملحوظاً في منظومة التحكيم الرياضي في المملكة، وكذا تماشيها مع القواعد واللوائح المعمول بها دولياً في ذات الشأن.
** **
- المحامي د. مساعد سعود الجبيري الرشيدي