د.شريف بن محمد الأتربي
قبل أيام قلائل اعتمد مجلس الوزراء السعودي برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء الموازنة العامة للدولة للعام 2025م، وقدّرت ميزانية المملكة بحوالي 1.184 تريليون ريال للإيرادات، بينما يصل إجمالي النفقات إلى 1.285 تريليون ريال.
صرح معالي وزير المالية بأن الحكومة ستواصل استثمارها في المشاريع العملاقة التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على عوائد النفط، وهذا يعكس التزام المملكة بتنويع اقتصادها وتعزيز الأنشطة غير النفطية، وتتوقع الحكومة نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.8 % في 2024، مع تسارع النمو إلى 4.6 % في 2025. هذا يعكس تفاؤل الحكومة بشأن زيادة الأنشطة الاقتصادية، خاصة في القطاعات غير النفطية.
يعد قطاعا التعليم والصحة من أهم القطاعات التي ستستفيد من الإنفاق الحكومي في 2025م، حيث تتجه الدولة نحو تطوير البنية التحتية التعليمية، وتحسين المدارس والجامعات وتوفير تقنيات حديثة، وتقديم برامج تدريبه للمعلمين بهدف تعزيز مهاراتهم وقدراتهم في دعم تعلم الطلبة.
تأتي الصحة كواحد من أهم القطاعات التي ركزت عليها الميزانية في الإنفاق، حيث سيتم توسيع الخدمات الصحية من خلال زيادة عدد المستشفيات والمراكز الصحية وتحسين جودة الخدمات، إلى جانب الاستثمار في التكنولوجيا الصحية من خلال تطبيق أنظمة الرعاية الصحية الرقمية، وتعزيز الابتكار في أساليب العلاج.
يعد الابتكار عنصرًا أساسيًا من العناصر التي تساهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتطوير المجتمعات، حيث تعتمد الكثير من الدول على الابتكار في دعم مداخيلها الاقتصادية، ولتحقيق ذلك فهي تخصص نسبة من ميزانياتها لدعمه، وتخصص الموارد اللازمة للبحث والتطوير، وتحسين التعليم، وتشجع ريادة الأعمال، وتضع خططاً محكمة لتحقيق ذلك الهدف ومن أهمها التنسيق الفعَّال بين مختلف القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمع.
من المتوقع أن يساهم الإنفاق الحكومي في 2025 في تعزيز النمو والابتكار في أغلب قطاعات الدولة، مما يساعد على تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 وتحقيق استدامة اقتصادية طويلة الأمد.
تهدف ميزانية المملكة 2025 إلى دعم الابتكار من خلال التركيز على دعم الشركات الناشئة، وتوفير حوافز للاستثمار في الابتكارات التكنولوجية، بالإضافة إلى تطوير مراكز البحث والتطوير، وتعزيز البحث العلمي في مختلف المجالات.
أفردت الدولة للبحث العلمي أهمية كبيرة في ميزانيتها، حيث عملت على زيادة ميزانيته، وتخصيص ميزانيات أكبر للبحث والتطوير، مما يعزِّز الابتكار في مجالات متعدِّدة مثل التكنولوجيا والطب والطاقة، كما سيتم توسيع رقعة التعاون مع الجامعات ومراكز البحوث من خلال التركيز على الشراكات بين القطاعين العام والخاص والجامعات لتعزيز البحث والابتكار.
ستعمل الدولة على دعم التحول الرقمي من خلال الاستثمار في التكنولوجيا، وتخصيص مبالغ كبيرة لتطوير البنية التحتية الرقمية، وتحديث الأنظمة الحكومية لتسهيل الخدمات الإلكترونية، إلى جانب تنمية المهارات الرقمية لدى مختلف منسوبي قطاعات الدولة والمواطنين، من خلال تقديم برامج تدريبية تهدف إلى رفع كفاءة الموظفين والمواطنين في استخدام التقنيات الحديثة.
تشير ميزانية المملكة 2025 إلى الرغبة في تعزيز الابتكار في القطاعات الحيوية، حيث سيتم تطوير قطاع الطاقة المتجددة من خلال استثمارات في مشاريع الطاقة الشمسية والرياح، وهو واحد من المشاريع الموجهة نحو تعزيز الابتكار في مجال الطاقة. سيتم أيضاً دعم الصناعات التحويلية من خلال تخصيص ميزانية لتعزيز الابتكار في الصناعات المحلية وزيادة القدرة التنافسية.
من أهم مرتكزات دعم الابتكار في الدولة؛ هو تشجيع ريادة الأعمال من خلال تقديم حزمة من الحوافز للمشاريع الناشئة، حيث سيقدم برامج دعم مالي وتدريب للشركات الناشئة، مما يسهم في خلق بيئة ملائمة للابتكار. كما سيتم إنشاء مراكز الابتكار، وهي مراكز خاصة لدعم الابتكار وريادة الأعمال، مما يساعد على تطوير الأفكار الجديدة وتحويلها إلى مشاريع تجارية.
يعد التعليم من أهم القطاعات التي سيشملها الابتكار في ميزانية 2025، حيث سيتم التركيز على تحسين جودة التعليم والتدريب، وتقديم برامج تعليمية مبتكرة، وتنفيذ مناهج تعليمية جديدة تركز على المهارات التقنية والإبداعية. كما سيتم تطوير التعليم الفني والمهني وتوفير استثمارات في برامج التدريب المهني لتعزيز المهارات العملية لدى الشباب وخرطهم في سوق العمل من أجل المضي قدماً في عملية توطين وسعودة الوظائف. تشير ميزانية السعودية لعام 2025 إلى تركيز كبير على الابتكار في مختلف القطاعات، مما يعكس التزام الحكومة بتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030. من خلال الاستثمارات في البحث والتطوير، ودعم ريادة الأعمال، وتعزيز التحول الرقمي، تسعى المملكة إلى بناء اقتصاد مستدام ومتنوع يعتمد على الابتكار كعنصر أساسي.
بشكل عام، تعكس ميزانية 2025 رؤية إستراتيجية واضحة للمملكة، مع التركيز على المستقبل والابتكار والاعتماد على مصادر جديدة للنمو.