عبدالرؤوف توتي بن حمزة
كم مرة نجد أنفسنا ننزلق بين مقاطع الريلز على فيسبوك وإنستغرام دون أن ندرك العمق الكامن وراء هذه التجربة؟ هل يمكن لتلك اللحظات العابرة أن تحمل بين طياتها قيمة فكرية ومعرفية؟ وهل يمكن أن تصبح نافذتنا لفهم أعمق للعالم من خلال الخيارات التي نصنعها في فضاءات التواصل الاجتماعي؟ الإجابة ببساطة هي نعم. عبر العصور، كانت هذه الوسائل بمثابة أدوات استكشاف للمعاني الأعمق والمعارف الدفينة، مما أسهم في تشكيل حوارات اجتماعية وثقافية بطرق غير مسبوقة.
تعتبر الريلز كنافذة لفهم المعايير الثقافية والاتجاهات الاجتماعية السائدة، كما تُعد منصة لإنشاء المحتوى الرقمي والوصول إليه بهدف التأثير على الجمهور، وزيادة الوعي بالعلامات التجارية، والدفاع عن القضايا الاجتماعية، وإبراز الإبداع أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم ريلز إنستغرام في الحملات الاجتماعية، مما يغيِّر ديناميكيات حركات التغيير وينقلها من النطاق المحلي إلى العالمي، ليخلق بذلك مساحة للنشاط الرقمي تصل إلى جمهور عالمي واسع.
رغم أن مقاطع الريلز تُعتبر مصدرًا للترفيه والمتعة، إلا أنها تحمل في طياتها تأثيرات قد تكون ضارة على الصحة العقلية. فالانغماس المستمر فيها قد يترك بصماته النفسية، مثل القلق والاكتئاب الناتجين عن المقارنات المتكررة مع الآخرين، مما يُشعر الفرد بالنقص أو عدم الرضا عن حياته الشخصية.
للحفاظ على التوازن بين الصحة النفسية والاستمتاع بالمحتوى الرقمي، هناك خطوات أساسية يمكن اتباعها. أولاً، التوعية بالمشاعر أمر ضروري، إذ يساعدنا فهم تأثير مقاطع الريلز على مزاجنا في اتخاذ قرارات واعية. ثانيًا، تحديد وقت الشاشة يحمي يومنا من الاستنزاف الكامل. وذلك من خلال تخصيص أوقات محددة لاستخدام وسائل التواصل. ثالثًا، متابعة الحسابات والقنوات التي تشجع على الإيجابية والأصالة تعزِّز وعينا وتبعدنا عن الصور المثالية. وأخيرًا، دمج استهلاك المحتوى الرقمي بأنشطة حياتية واقعية يخلق نمط حياة أكثر توازنًا. بهذه الممارسات، يمكن الاستمتاع بمحتوى الريلز بوعي ومسؤولية، ليظل مصدرًا للإلهام والمعرفة وتبادل الثقافات دون أن يؤثِّر سلبًا على جودة الحياة اليومية.
** **
- كاتب وباحث أكاديمي من الهند