رسيني الرسيني
إعادة التأمين «Reinsurance» هو مصطلح يعني تأمين شركات التأمين، فمثلما الأفراد والشركات يحتاجون تأمينا عن المخاطر التي تواجههم، فشركات التأمين أيضًا تؤمن على نفسها من المخاطر التي قد تواجهها من تأمين مخاطر الأفراد والشركات، حيث تهدف عملية إعادة التأمين إلى تفتيت الخطر بمشاركته مع شركات أخرى يطلق عليها «معيدي التأمين» أو «شركات إعادة التأمين» وذلك تجنبًا لأي مطالبات تأمين كبيرة أو متكررة قد تؤثر على وضعها المالي. وبالمختصر نستطيع القول: إن إعادة التأمين هي جزء من عمليات إدارة المخاطر لشركات التأمين.
أما عن حجم السوق في المملكة، فقد ارتفع سوق إعادة التأمين من 6,211 مليار ريال في عام 2019م إلى 9,201 مليار ريال في عام 2023م أي بمعنى زيادة تقدر بحوالي 48 % في خمس سنوات بالرغم من أن تلك الفترة تخللها أزمة كوفيد - 19. ويأتي زيادة حجم سوق الإعادة بشكل طردي مع زيادة حجم سوق التأمين في المملكة، حيث أرتفع السوق من 37,890 مليار ريال إلى 65,459 مليار ريال في نفس الفترة المذكورة أعلاه، وذلك وفقًا للتقارير السنوية الصادرة عن هيئة التأمين.
جُل أقساط إعادة التأمين -أي قيمتها- تذهب لشركات إعادة التأمين خارج المملكة، حيث تشير الأرقام في القوائم المالية لشركات التأمين في المملكة إلى أن ما يزيد عن 90 % من حجم إعادة التأمين يعاد تأمينه خارجيًا. وقد يكون ذلك مبررًا لعدة أسباب أبرزها: إدارة المخاطر الجغرافية أو مخاطر التركز، بالإضافة إلى عدم وجود القدرة الفنية والمالية الكافية في الشركات المحلية. كما أنه في السنوات الماضية لا يوجد إلا شركة محلية واحدة فقط لديها رخصة إعادة التأمين تستطيع من خلالها قبول تلك المخاطر وإدارتها.
ومن أجل ذلك، صدر مؤخرًا تعميم من هيئة التأمين امتدادًا للائحة التنفيذية الصادرة عن البنك المركزي سابقًا، يعطي التعميم شركات إعادة التأمين المحلية حق الأولوية بتلك الأقساط بنسبة لا تقل عن 30 %، مما شجع 5 شركات محلية بتفعيل رخصة إعادة التأمين. ومن المتصور أن يساهم تطبيق التعميم في تعزيز هوية سوق التأمين في المملكة كوجهه إقليمية في إعادة التأمين، بحيث تستطيع الشركات المحلية أن تقبل إعادة التأمين من دول أخرى، مما يساهم في جذب الأموال داخل المملكة بدلًا من خروجها.
حسنًا، ثم ماذا؟
التعميم يُعد دعوة ذهبية للشركات الرائدة الأجنبية لفتح فروعها داخل المملكة للاستفادة من حق الأولوية. كما يُعد التعميم فرصة ثمينة للشركات المحلية بشرط رفع قدراتها الفنية والمالية وتفعيل دور إدارة المخاطر بشكل أكبر، تجنبًا لقبول مخاطر قد تؤثر على الوفاء بالتزاماتها.