سهم بن ضاوي الدعجاني
لاشك أن «مترو الرياض» يعتبر أكبر تحوّل في نظام النقل العام في العاصمة، وهو أيضاً أكبر مشروع مترو في العالم ينفذ دفعة واحدة، بطاقة استيعابية تبلغ 1,16مليون راكب يوميًا، إذ يُعتبر المشروع نقلة نوعية تعكس طموحات قيادة الوطن في بناء بنية تحتية متطورة تدعم النمو السكاني وتحسن جودة الحياة، ويهدف «مترو الرياض» بشكل أساسي إلى تقليل عدد السيارات على الطرق بمقدار مليوني رحلة يوميًا، مما يسهم في تخفيف الازدحام المروري في العاصمة، بل إن هذا المشروع المفصلي سيُخفض انبعاثات الكربون بمقدار 400 ألف طن سنويًا، محققا التزام بلادنا بمعايير الاستدامة البيئية.
لقد كان يوم 27 نوفمبر الماضي، يوماً مشهوداً في مسيرة التنمية السعودية، فقد نجح مسؤولو قطاع النقل في بلادنا في إطلاق أطول مترو بلا سائق في العالم، سيعمل على تحويل سيدة المدائن « الرياض» إلى مركز للتجارة والأعمال في ظل التنوع الاقتصادي التي تشهده المملكة في ظل رؤية 2030 .
«مترو الرياض» تاريخياً جاء بعد: مترو أنفاق لندن ومترو بكين ومترو كوبنهاجن ومترو باريس ومترو طوكيو ومترو سيول ومترو نيويورك ومترو STC في مكسيكو سيتي ومترو موسكو ومترو بودابست، لكنه جاء في سياق عصري يتناغم مع ثقافة المستقبل، فهو يعزز خيارات النقل الصديقة للبيئة، حيث يستخدم قطارات ومحطات موفرة للطاقة، وتقنيات مثل الكبح المتجدد لتقليل استهلاك الطاقة، كما تم تجهيز بعض المحطات بآلاف الألواح الشمسية، وستحصل كل محطة مترو على الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، ومن الجانب البيئي، تستخدم حافلات الرياض الوقود منخفض الكبريت، مما يجعلها من أفضل المركبات الصديقة للبيئة، ويمكنها من المساهمة بقوة في تقليل الانبعاثات الكربونية وتحسين جودة الهواء في المدينة، بل إن شبكة «مترو الرياض» تساهم بشكلٍ فعّال في خفض غازات الاحتباس الحراري الضارة والتخفيف بشكلٍ ملموس من ارتفاع درجات الحرارة في الرياض من خلال تقديم خيارات نقل مستدامة تعزز المساعي الرامية لتحسين جودة الحياة لسكان العاصمة وزوارها وتهيئة بيئة صحية للمواطنين وزوار الرياض، وهنا تذكرت ما كتبه الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، نائب وزير الحرس الوطني، وأمين منطقة الرياض السابق في مقالته «سلمان بن عبد العزيز.. والاستعداد لاختصار الزَّمن» المنشورة في هذه الصحيفة، التي تم تداولها على نطاق واسع باعتبارها «المقالة الوثيقة الدالة»، على التخطيط وبعد النظر السلماني الذي يتمتع به سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- أيده الله - إبان توليه إمارة منطقة الرياض، حيث كتب الأمير الدكتور عبدالعزيز بن عياف : (وأذكر أنه عندما باشرت عملي أميناً لمنطقة الرياض في عام 1418هـ الموافق 1997م، كان الحديث عن عدم توافر الميزانيات يتردد في كثير من أروقة الوزارات وكان - حفظه الله - يكرر على أسماعنا مقولته في أن علينا الاستعداد بالدراسات والتصاميم للمشاريع حتى ولو لم تتوافر ميزانيات لتنفيذها. ورغم أن تلك الفترة شحيحة في الميزانيات إلا أنه - حفظه الله - لم يتوقف عن حثنا على تطوير البنية التحتيَّة للمدينة والتجهيز لشبكة المترو. وكان يقول «خلونا جاهزين.. متى ما توافرت الميزانيات نبدأ التنفيذ ونختصر الزمن بوجود الدراسات والتصاميم جاهزة».
مقولته - حفظه الله - تبرهن على أهمية الوقت عند سلمان بن عبد العزيز وعلى تفاؤله الدائم بمستقبل الرياض ومستقبل المملكة، وأن الدورات الاقتصادية مستمرة ما استمرت الحياة.
وبالفعل كانت الرياض السباقة في البدء بفكرة النقل العام (المترو) على مستوى منطقة الخليج العربي، وكانت الدراسات تتم بوتيرة مستمرة منذ أكثر من 25 سنة ماضية، وإن لم تحظ بالتنفيذ بسبب اعتذار وزارة المالية بنقص الميزانيات وعدم توافر السيولة.
للتأريخ إن «مترو الرياض» جاء نتيجة حضارية لإدارة عاشقة للتخطيط وتخطيط نوعي يختصر الزمان، لذا أقول مبتهجاً: «مترو الرياض» ما هو إلا حسنة من حسنات سيدي الملك سلمان.