عايض بن خالد المطيري
التشرد مأساة إنسانية تترك بصمتها المؤلمة في كثير من دول العالم، حيث يمكنك أن تشاهد مشاهد مروعة لأشخاص يفترشون الأرصفة أو يختبئون تحت الجسور بحثًا عن مأوى. هؤلاء الذين يُطلق عليهم «المشردون» هم أكثر من مجرد أناس بلا سقف يظلهم؛ هم أرواح تحمل قصصًا من الحرمان والوحدة وسط مجتمعات تتفاخر بالتقدم والرقي. وعلى الرغم من أن بعضهم قد يمتلك عملًا بسيطًا أو حرفة تضمن له قوت يومه، إلا أن حياتهم تبقى انعكاسًا صارخًا للعجز عن توفير الكرامة الإنسانية في ظل هذا التقدم المزعوم.
في دول كثيرة يُعتبر التشرد نتيجة لتراكم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، حيث لا يتمكن الكثيرون من تحمل أعباء الحياة أو مواجهة التحديات التي تعصف بهم. الولايات المتحدة ودول أوروبية عدة، على سبيل المثال، تزخر بشوارعها بمشاهد المشردين الذين يكابدون البرد والجوع والإقصاء، رغم الرفاهية التي تبدو جلية في مظاهر تلك المجتمعات. المفارقة تكمن في أن هذه الدول التي تتباهى بتقدمها في مجالات التكنولوجيا وحقوق الإنسان تغفل واقع هؤلاء الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء.
على الجانب الآخر، تبرز المملكة العربية السعودية كنموذج فريد يعكس قيم العدالة الاجتماعية والرعاية الشاملة. في المملكة، لا وجود لتلك المشاهد المؤلمة التي تعكس انهيار الروابط الاجتماعية. يعيش سكان السعودية، مواطنون ومقيمون، في بيئة تُقدّر الإنسان وتحفظ كرامته. هذا ليس مجرد حظ أو مصادفة، بل نتيجة سياسات مدروسة تهدف إلى تحقيق التنمية الشاملة وضمان أن يحصل كل فرد على احتياجاته الأساسية.
السعودية رغم استضافتها ملايين الوافدين واللاجئين من جنسيات وثقافات مختلفة، لم تُقم يومًا مخيمات لجوء أو تجمعات صفيح على أطراف المدن. بل دمجت هؤلاء اللاجئين مع مواطنيها على حد سواء، وقدمت لهم الخدمات التي تضمن لهم العيش الكريم، فاللاجئون في السعودية يعيشون كأفراد طبيعيين من المجتمع، يتلقون التعليم، يحصلون على الرعاية الصحية، ويعملون في بيئة تضمن لهم الاستقرار. هذا النهج الإنساني يُبرز بوضوح الفرق بين السياسات التي تسعى للحلول المؤقتة والسياسات التي تهدف إلى بناء مجتمع متماسك.
إن الإنسانية الحقيقية لا تُقاس بمدى تقدم التكنولوجيا أو ارتفاع المباني، بل تُقاس بمدى قدرة الدولة على العناية بأضعف أفرادها. في السعودية، نجد مثالًا يُحتذى به، حيث إن الإنسان هو محور التنمية وهدفها. وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها كدولة تحتضن تنوعاً سكانياً كبيراً، إلا أنها استطاعت أن تحقق توازنًا فريدًا بين احتياجات التنمية الاقتصادية ومتطلبات الرعاية الاجتماعية.
لذا فإن التشرد ليس مجرد مشكلة اجتماعية بل هو مرآة تعكس مدى إنسانية أي مجتمع. في زمن تعلو فيه الشعارات وتغيب فيه الأفعال، تبقى السعودية دولة تقدم نموذجًا حقيقيًا لما يمكن أن تكون عليه المجتمعات عندما تُبنى على أسس من العدالة والكرامة، وإن غياب مشاهد التشرد في السعودية لا يعكس فقط نجاح سياساتها، بل يؤكد لكل الناعقين أن قيمها الإنسانية هي الأساس الذي يُبنى عليه مستقبلها، بقيادة حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظهما الله.