سطام بن عبدالله آل سعد
كأس الخليج تمثِّل بطولة رياضية تكشف بوضوح عن مكامن الضعف والقوة. المنتخب السعودي خرج من النسخة الأخيرة بصورة رياضية لا تليق بتاريخ المملكة، وبأداء كارثي يستوجب مساءلة الجميع دون استثناء. هل أصبحنا بحاجة إلى تصريحات استفزازية لتحريك لاعبينا؟ أم أن الأزمة أعمق وأشد خطورة مما يتصور البعض؟
فقر هجومي
العناصر الحالية التي تمثِّل المنتخب هي العائق الأكبر أمام أي طموح. كيف يمكن لفريق يعتمد على لاعبين مثل عبدالله الحمدان وعبدالله رديف، اللذين يفتقران حتى للمستوى المتوسط، أن يحلم بتحقيق أي لقب؟ رأس الحربة السعودي بات رمزًا للتراجع، حيث الفقر الهجومي سيد الموقف. فإذا كان هذا هو مستوى خط الهجوم أمام منتخبات أقل خبرة، فماذا يمكن أن نتوقَّع أمام التحديات الكبرى؟ أما بقية المنظومة، فهي ليست بأفضل حالاً. الأجنحة التي لطالما كانت نقطة قوة للمنتخب، أصبحت بلا فعالية تُذكر. اللاعبون الحاليون يفتقرون للحد الأدنى من المهارات الفنية، الذهنية، وحتى البدنية التي تؤهلهم لتمثيل المنتخب في بطولات بحجم «كأس الخليج»، فكيف يمكن الحديث عن كأس آسيا أو كأس العالم؟
أين العقول داخل الملعب؟
أزمة الفكر الكروي هي واحدة من أكثر المشكلات إلحاحًا. اللاعب السعودي اليوم لا يملك أي رؤية واضحة داخل الملعب. أين الانضباط التكتيكي؟ أين القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة في اللحظات الحرجة؟ إذا كان اللاعبون يفتقرون حتى لفهم أساسيات الأداء الجماعي، فكيف يمكن أن نلوم المدرب؟ العقلية الكروية تبدو وكأنها غائبة تمامًا.
انهيار بلا مبرر
هل أصبحنا نعتمد على تصريحات مستفزة من يونس محمود أو غيره لتحفيز اللاعبين؟ هذه الفكرة بحد ذاتها مهزلة. المنتخب يعاني نفسيًا بطريقة لا يمكن قبولها. الضغط الجماهيري والإعلامي كشف عن هشاشة عقلية معظم اللاعبين. أين الروح القتالية؟ أين الثقة بالنفس؟ انهيار الفريق في اللحظات الحاسمة دليل قاطع على غياب الإعداد النفسي. إذا كان المنتخب بحاجة إلى مثل هذه التصريحات ليتحرّك، فهذا مؤشر على أننا أمام أزمة أعمق مما يظهر.
مدرب مقيد
هيرفي رينارد، المدرب الذي قاد المنتخب لتقديم أداء مشرِّف في كأس العالم 2022، أصبح اليوم مكبلاً بعناصر لا تساعده على تنفيذ خططه. إذا كان المدرب يواجه لاعبين يفتقرون إلى الأساسيات، فكيف يمكن أن نتوقّع منه نتائج إيجابية؟ المشكلة ليست في خططه أو تكتيكاته، بل في العناصر الضعيفة التي تعجز عن تقديم المطلوب.
غضب مشروع
الجماهير السعودية، التي كانت دائمًا مصدر الدعم الأول للمنتخب، أصبحت اليوم تعيش حالة من الإحباط والغضب. الأداء المخيِّب في كأس الخليج ليس مجرد إخفاق، بل إهانة لتاريخ الكرة السعودية. الجماهير لم تعد تحتمل المزيد من الأعذار والتبريرات.
أزمة هوية وفقدان البوصلة
أداء المنتخب السعودي في كأس الخليج يعكس أزمة أعمق من كونها إخفاقاً في بطولة. المنتخب اليوم يعاني من فقدان الهوية التي لطالما ميّزت الكرة السعودية، مع غياب رؤية واضحة للطموحات والأهداف.
هذا التراجع لم يكن وليد اللحظة، بل هو نتيجة سنوات من القرارات العشوائية والإدارة التي لم تتمكَّن من خلق إستراتيجية تُعيد المنتخب إلى مساره الصحيح.
فقدان البوصلة يظهر جليًا في غياب التناغم داخل الملعب، والتشتت الذي يعانيه اللاعبون في الأدوار والتكتيكات، مما يجعلنا نتساءل: هل لدينا خطة واضحة للنهوض بالكرة السعودية؟
المواجهة الحاسمة
الهزيمة في كأس الخليج هي جرس إنذار يوضح حجم الكارثة التي تعيشها الكرة السعودية. التغيير الجذري ليس خيارًا، بل ضرورة عاجلة. إذا كان المنتخب بحاجة إلى تصريحات مستفزة للفوز، فإننا أمام منظومة تحتاج إلى إعادة بناء كاملة. فعلى الاتحاد السعودي أن يتحمَّل مسؤوليته، وعلى الجميع أن يدركوا أن المستقبل يتطلب مواجهة شجاعة للحقيقة، لا الهروب منها.