نجلاء العتيبي
«يودِّع ابنيه ذاهبًا إلى ساحة الواجب، مُستعدًّا لترك حصن العائلة الذي شيَّده بحبٍّ وتفانٍ، متجهًا نحو الأفق الذي يحتاجه الوطن.
وقف أمامهما،
يعرفُ أن الكلمات لن تكفي،
وأن صوته مهما بلغ صداه،
لن يستطيع تفسير المعنى الكامل لهذه اللحظة.
قال بنبرةٍ تغلبُ عليها الحُنُوُّ: سأذهب لأحمي المكان الذي ستكبرانِ فيه؛
لأصون الأرض التي ستشهد أحلامكما.
نعم؛ في كل شبرٍ من وطننا تنبضُ الأرض بحكاياتٍ عظيمةٍ عن أولئك الذين يقفون في وجه الرياح العاتية، يجابهون كل خطرٍ بشجاعةٍ تفيض عن حدود الوصف.
جنودنا البواسل ليسوا مجرد أفرادٍ يرتدون الزي العسكري، بل هم أرواحٌ تملؤها عزيمةٌ وإيمانٌ راسخٌ أن حماية هذه الأرض أمانةٌ عظيمةٌ، تتطلَّب بذل كلَّ نفيسٍ وغالٍ.
على قمم الجبال، وفي بطون الأودية، وبين رمال الصحاري الممتدة، يزرعون الأمان، يكتبون تاريخًا ناصعًا بتضحياتهم.
هم السد المنيع الذي لا ينكسرُ، والجدار الذي تحطَّمت عليه أطماع المعتدين.
لا يهابون الموت، بل يرونه طريقًا إلى بقاءٍ يتجاوز الحياة المادية، يتجسَّد في دعوات الأمهات، وفي عيون الأطفال التي تحمل بريق المستقبل المشرق.
كل خطوةٍ تخطوها أقدامهم تحمل رسالةً مُفادها أن الوطن لا يُساوَم عليه،
وأن رايته ستظل عاليةً خفَّاقة مهما اشتدت العواصف.
لا يسألون عن مقابل، ولا يبحثون عن ثناءٍ، بل يرون أن واجبهم أسْمى من كل المكافآت، وأن ما يقومون به ليس فضلًا،
بل واجبٌ مُقدَّسٌ يفتخرون بأدائه.
حين تنظر إليهم، ترى في وجوههم معالم الصبر والإصرار، خلف تلك النظرات الحادة، تختبئ قلوبٌ مفعمةٌ بالحب،
ليس فقط لأرضهم، بل لكلِّ مَن يعيش عليها.
هم العطاء بلا حدود، هم اليد التي تُمسك السلاح لتحمي، وتُمدُّ للسلام لتُداوي.
في ساحات الوغى، وفي ساعات الظلام، هم النور الذي يبدد الخوف، ويعيد الطمأنينة.
جنودنا هم القوة التي لا تُقهر، والكرامة التي لا تُدنَّس، هم مرآة الوطن في كبريائه، وصورته حين يواجه المحن.
يجسِّدون معاني الإخلاص، يمضون بثباتٍ نحو أداء واجبهم، يكتبون قصةً يوميةً من الإيثار، يُحيون فينا الإحساس بقيمة الانتماء.
إنهم ليسوا فقط حُماة الحدود، بل رموز الإرادة الصُّلبة. كل صوت رصاصٍ ينطلق، وكل علمٍ يُرفرف فوق أسوار الوطن،
يحكي قصصهم التي لن تمحوها الأيام.
عندما نرى ما يحقِّقونه من انتصارات، ندرك أن العظمة ليست مجرد كلمة، بل عملٌ متجسِّدٌ فيهم.
سلامٌ على كل جندي يقف في وجه الخطر، وكل بطلٍ ينحني احترامًا لتراب وطنه،
وكل روحٍ اختارت الفداء ليظلَّ لواء المجد مرفوعًا.
إنهم جنود الحق، وصُناع الأمان، وحماة العزة.
ضوء
حنّا بكم نفخر ونعتزّ ونزود؟
ونماري العالم على روس الأشهاد
أنتم ذخيرة موطن العز والجود؟
وأنتم أسود البيد وأحفاد الأجداد
- الأمير خالد الفيصل